الحاوي الكبير (صفحة 4469)

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نِكَاحٌ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهَا فِيهِ الْعِدَّةُ، فَوَجَبَ أَنْ يُكْمَلَ لَهَا فِيهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ كَالْمَدْخُولِ بِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ الْوَطْءِ مَوْجُودٌ فِيهِ لِلُحُوقِ وَلَدِهَا فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ حُكْمُهُ فِي كَمَالِ الْمَهْرِ.

وَدَلِيلُنَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) {البقرة: 237) وَهَذَا نِكَاحٌ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يُسْتَحَقَّ مِنَ الْمَفْرُوضِ لَهَا إِلَّا نِصْفُهُ، وَلِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يُصِبْهَا فِيهِ فَوَجَبَ أَنْ يَتَنَصَّفَ صَدَاقَهَا، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْهُ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنَ الأول دون الثاني؛ لأنها تَأْتِي بِبَاقِي الْعِدَّةِ دُونَ جَمِيعِهَا.

وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّ حُكْمَ الْوَطْءِ يُلْحِقُ وَلَدَهَا بِهِ مَوْجُودٌ فيه ففاسد؛ لأن لحوقه بالنكاح الأول دون الثاني لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنَ النِّكَاحِ الثَّانِي لَحِقَ بِهِ.

الثاني: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا بِالْعَقْدِ الثَّانِي وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَحِقَ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015