وَالثَّانِي: أَنَّهَا النَّوَافِلُ فِي أَدْبَارِ الْمَكْتُوبَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ.
وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ: قوله تعالى: {أقم الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] . أَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ مِنَ النَّهَارِ فَالْمُرَادُ بِهِ: صَلَاةُ الصُّبْحِ.
وَأَمَّا الطَّرَفُ الثَّانِي: فَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ مُجَاهِدٌ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ " وزلفا من الليل " رَوَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَعِشَاءُ الْآخِرَةِ.
وَمَعْنَى الزُّلَفِ مِنَ اللَّيْلِ: السَّاعَاتُ الَّتِي يَقْرُبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ كَمَا قَالَ الْعَجَّاجُ:
(طَيُّ اللَّيَالِي زُلَفًا وَزُلَفًا ... ... ... ... ... ... ... .....)
وَالْآيَةُ الرَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] ، أَمَّا دُلُوكُ الشَّمْسِ فَهُوَ مَيْلُهَا وَانْتِقَالُهَا وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ غُرُوبُهَا، وَأَنَّهُ عَنَى صَلَاةَ الْمَغْرِبِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ زَيْدٍ، اسْتِشْهَادًا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
(هَذَا مُقَامُ قَدَمَيْ رُبَاحٍ ... غَدْوَةً حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحُ)
- يَعْنِي: حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَالْبَرَاحُ: اسْمٌ لِلشَّمْسِ.
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي: أَنَّ دُلُوكَ الشَّمْسِ زَوَالُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي وَجْزَةَ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ لِرِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ - رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَتَانِي جِبْرِيلُ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ حِينَ زَالَتْ فَصَلَّى بي الظهر.