الشرط في المهر من كتاب الصداق ومن كتاب الطلاق، ومن الإملاء على مسائل مالكٍ
إذا أصدقها ألفاُ على أن لأبيها ألفاً
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِذَا عُقِدَ النِّكَاحُ بألفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا فَالْمَهْرُ فاسدٌ لأن الألف ليس بمهرٍ لها ولا يحق لَهُ بِاشْتِرَاطِهِ إِيَّاهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ.
إذا تزوجا عَلَى صَدَاقِ أَلْفٍ عَلَى أَنَّ لِأَبِيهَا أَلْفًا، لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ الْأَلْفِ إِلَى الْأَبِ، وَيَبْطُلُ بِهِ الصَّدَاقُ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الصَّدَاقُ صَحِيحٌ عَلَى أَلْفٍ، وَالشَّرْطُ لَازِمٌ لِلْأَبِ، وَعَلَى الزَّوْجِ لَهُ أَلْفٌ بِالشَّرْطِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الْأَبِ، وَيَصِيرُ الْأَلْفَانِ مَعًا صَدَاقًا لِلزَّوْجَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى مَالِكٍ فِي بُطْلَانِ الشَّرْطِ أَنَّ شُرُوطَ الْعُقُودِ مَا كَانَتْ فِي حَقِّ الْمَعْقُودِ أَوِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْأَبُ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَلَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ لَهُ كَمَا لَوْ شَرَطَهُ أَجْنَبِيٌّ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى قَتَادَةَ فِي أَنَّ مَا شَرَطَهُ الْأَبُ لَا يَصِيرُ صَدَاقًا لِلزَّوْجَةِ: هُوَ أَنَّ مَا لَمْ يُجْعَلْ صَدَاقًا مُسَمًّى لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِيرَ صَدَاقًا مُسَمًّى كَالْمَشْرُوطِ لِغَيْرِ الْأَبِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَا شَرَطَهُ لِلْأَبِ، زِيَادَةً فِي الصَّدَاقِ لَكَانَ مَا شَرَطَ عَلَى الْأَبِ نُقْصَانًا مِنَ الصَّدَاقِ، وَهَذَا بَاطِلٌ فِي الشَّرْطِ عَلَيْهِ، فبطل في الشرط له.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ فِي حَقِّ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ " قَتَادَةُ "، وَبَاطِلٌ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ " مَالِكٌ "، كَانَ الصَّدَاقُ بَاطِلًا، لِأَنَّ لِلشَّرْطِ تَأْثِيرًا فِي النُّقْصَانِ مِنْهُ، وَقَدْرُهُ مَجْهُولٌ، فَأَفْضَى إِلَى جَهَالَةِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا صَارَ الصَّدَاقُ مَجْهُولًا بَطَلَ، وَلَمْ يَبْطُلِ النِّكَاحُ، وَكَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.
فَإِنْ طُلِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، لِأَنَّهُ قَدْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَاسِدًا.
قال الشافعي: " وَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى ألفٍ وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَبَاهَا أَلْفًا كَانَ جَائِزًا وَلَهَا مَنْعُهُ وأخذها منه لأنها هبةٌ ل تقبض أو وكالةٌ ".
وقال الْمَاوَرْدِيُّ: ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى صُورَةِ التي قبلها خالف بَيْنَهُمَا فِي الْجَوَابِ فَقَالَ: وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَلْفٍ وَعَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَبَاهَا أَلْفًا كَانَ جائزاً.