الحاوي الكبير (صفحة 4395)

باب التفويض من الجامع من كتاب الصداق ومن النكاح القديم، ومن الإملاء على مسائل مالكٍ

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " التَّفْوِيضُ الَّذِي مَنْ تَزَوَّجَ بِهِ عُرِفَ أَنَّهُ تفويضٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ الْمَالِكَةَ لِأَمْرِهَا بِرِضَاهَا وَيَقُولَ لَهَا أَتَزَوَّجُكِ بِغَيْرِ مهرٍ فَالنِّكَاحُ فِي هَذَا ثابتٌ ".

الْقَوْلُ فِي حَدِّ التَّفْوِيضِ فِي النِّكَاحِ

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا التَّفْوِيضُ فِي اللُّغَةِ: فَهُوَ التَّسْلِيمُ، يُقَالُ: فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى فُلَانٍ، أَيْ سَلَّمْتُ أَمْرِي إِلَيْهِ، وَوَكَلْتُهُ على تَدْبِيرِهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأُفَوِضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ} أَيْ أَسْتَسْلِمُ إِلَيْهِ.

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

(لَا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لَا سَرَاةَ لَهُمْ ... وَلَا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهُمْ سَادُوا)

أَيْ: لَا يَصْلُحُونَ إِذَا كان أمرهم مفوضاً، لَا مُدَبِّرَ لَهُمْ.

وَالتَّفْوِيضُ فِي النِّكَاحِ: أَنْ تُنْكِحَ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ. فَمَنْ مَنَعَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ قَالَ: امْرَأَةٌ مفوضةٌ، بِفَتْحِ الْوَاوِ. وَمَنْ أَجَازَهُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، قَالَ: مفوضةٌ بكسر الواو.

الْقَوْلُ فِي أَقْسَامِ التَّفْوِيضِ

وَالتَّفْوِيضُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَفْوِيضُ الْبُضْعِ.

وَالثَّانِي: تَفْوِيضُ الْمَهْرِ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ

فَأَمَّا تَفْوِيضُ الْبُضْعِ: فَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الثَّيِّبَ مِنْ وَلِيِّهَا بِإِذْنِهَا، وَرِضَاهَا، عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا، فَهَذَا نِكَاحُ التَّفْوِيضِ، لِأَنَّهَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ، وَهُوَ نِكَاحٌ صحيح ثابت، لما دللنا عليه من قوله الله تعالى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءِ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015