الحاوي الكبير (صفحة 4347)

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَلَكَ بِالطَّلَاقِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، سَوَاءٌ اخْتَارَ تَمَلُّكَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَخْتَرْهُ، كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي إِذَا رَدَّ بِالْعَيْبِ مَلَكَ بِالرَّدِّ جَمِيعَ الثَّمَنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: إِنَّهُ مَلَكَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يَتَمَلَّكَ نِصْفَ الصَّدَاقِ كَالشَّفِيعِ الَّذِي مَلَكَ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَتَمَلَّكَ. فَإِذَا اخْتَارَ الزَّوْجُ أَنْ يَتَمَلَّكَ نِصْفَ الصَّدَاقِ صَارَ بِالِاخْتِيَارِ لَا بِالطَّلَاقِ.

فَإِذَا صَارَ الزَّوْجُ مَالِكًا لِلنِّصْفِ إِمَّا بِالطَّلَاقِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بِالِاخْتِيَارِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي صَارَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ كَانَا فِيهِ عَلَى الْخُلْطَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقَسَّمُ جَبْرًا فَأَيُّهُمَا طَلَبَهَا أُجِيبَ إِلَيْهَا. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقَسَّمُ إِلَّا صُلْحًا فَأَيُّهُمَا امْتَنَعَ مِنْهَا أُقِرَّ عَلَيْهَا.

فَصْلٌ: الْقِسْمِ الثَّانِي

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ قَدْ تَلِفَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أحدهما: إيضاح الضرب الأول

أَنْ يُتْلَفَ قَبْلَ أَنْ يَحْدُثَ مِنْهُ نَمَاءٌ كَعَبْدٍ مَاتَ، أَوْ دَابَّةٍ نَفَقَتْ، فَفِيمَا تَسْتَحِقُّهُ الزَّوْجَةُ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْجَدِيدُ: مَهْرُ الْمِثْلِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّدَاقُ تَالِفًا عَلَى مِلْكِ الزَّوْجِ، سَوَاءٌ تَلِفَ بِحَادِثِ سَمَاءٍ، أَوْ جِنَايَةِ آدَمِيٍّ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا جَمِيعُهُ، وَيُعْتَبَرُ بِهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ، لَا وَقْتَ الطَّلَاقِ، وَلَا وَقْتَ تَلَفِ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّ تَلَفَ الصَّدَاقِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ دُونَ الطَّلَاقِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْقَدِيمُ: إِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الصَّدَاقِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّدَاقُ تَالِفًا عَلَى مِلْكِهَا.

وَلَا يَخْلُو حَالُ تَلَفِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَادِثِ سماء أو بجناية مِنْهُ، أَوْ بِجِنَايَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ.

فَإِنْ كَانَ بِحَادِثِ سَمَاءٍ: فَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهُ ضَمَانَ عَقْدٍ، فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَصْدَقَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: ضَمَانُ غَصْبٍ، فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مَا كَانَ قِيمَتُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ وَقْتِ التَّلَفِ.

وَإِنْ كَانَ تَلَفُهُ بِجِنَايَةٍ مِنْهُ: فَإِنْ قِيلَ إِنَّ ضَمَانَهُ غَصْبٌ ضَمِنَهُ بِأَكْثَرِ قِيمَتِهِ فِي الْأَحْوَالِ كلها.

وإن قيل إن ضمانه عَقْدٍ فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ وَقْتِ التَّلَفِ قَوْلًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015