وَتَرْجِعَ إِلَى مَهْرِ الْمِثْلِ. وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْجَدِيدِ الَّذِي يَجْعَلُ تَلَفَ الْأَصْلِ مُوجِبًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ.
فَصْلٌ: الْقَوْلُ فِي بَيْعِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الْقَبْضِ
فَإِذَا اسْتَقَرَّ أَنَّ الْأَصْلَ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ بِمَا ذَكَرْنَا فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَنَّ تُعَاوِضَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، كَمَا لَا تُعَاوِضُ عَلَى مَا ابْتَاعَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
الْقَوْلُ فِي النَّمَاءِ الحادث من الصداق من يَدِ الزَّوْجِ
وَإِنْ حَدَثَ مِنَ الصَّدَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ نَمَاءٌ كَالنِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ، كَانَ جَمِيعُهُ مِلْكًا لِلزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لِجَمِيعِ الْأَصْلِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ: أَنَّهَا مَالِكَةٌ لِنِصْفِهِ، لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مَالِكَةٌ لِنِصْفِ الْأَصْلِ.
الْقَوْلُ فِي ضَمَانِ النَّمَاءِ
وَإِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مَالِكَةً لِجَمِيعِ النَّمَاءِ الْحَادِثِ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهَلْ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الزَّوْجِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ تَبَعًا لِأَصْلِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ الْأَصْلَ دُونَ النَّمَاءِ، فَأَوْجَبَ ضَمَانَ الْأَصْلِ دُونَ النَّمَاءِ.
الْقَوْلُ فِي ضَمَانِ الزَّوْجَةِ لِصَدَاقِهَا
وَإِذَا قَبَضَتِ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ صَارَ جَمِيعُهُ مِنْ ضَمَانِهَا، وَكَانَ لَهَا جَمِيعُ مَا حَدَثَ فِيهِ مِنْ نَمَاءٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: تَضْمَنُ نِصْفَ الَّذِي مَلَكَتْهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَكُونُ فِي يَدِهَا أَمَانَةً لِلزَّوْجِ، وَلَا يَلْزَمُهَا ضَمَانُهُ، وَلَهُ نِصْفُ النَّمَاءِ.
وَبِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِيهِ.
فَصْلٌ
فَإِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ جِئْنَا إِلَى شَرْحِ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ " وَكُلُّ مَا أَصْدَقَهَا فَمَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَضَمِنَتْهُ بِالدَّفْعِ فَلَهَا زِيَادَتُهُ وَعَلَيْهَا نُقْصَانُهُ ".
وَهَذِهِ جُمْلَةٌ اخْتَصَرَهَا الْمُزَنِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الأم، فإن الشافعي بسطه فأحسن المزني اختصاره.
فقوله وَكُلُّ مَا أَصْدَقَهَا فَمَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ أَبَانَ عَنْ مذهبه أن الزَّوْجَةَ مَالِكَةٌ لِجَمِيعِ الصَّدَاقِ بِالْعَقْدِ، وَرَدَّ بِهِ قَوْلَ مَالِكٍ إِنَّهَا تَمْلِكُ نِصْفَهُ بِالْعَقْدِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَضَمِنَتْهُ بِالدَّفْعِ فَصَحِيحٌ لِأَنَّهُ قَبْلَ دَفْعِهِ إِلَيْهَا مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ دُونَهَا. فَإِذَا دُفِعَ إِلَيْهَا سَقَطَ ضَمَانُهُ عَنِ الزَّوْجِ، وَصَارَ مَضْمُونًا عليها.