يَكُونُ زِيَادَةُ فَرْجِهِ عَيْبًا فِيهِ، يُوجِبُ الْفَسْخَ وفي الخيار فِيهِ قَوْلَانِ مَضَيَا، فَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عَيْبًا أُجِّلَ لِلْعُنَّةِ إِنْ ظَهَرَتْ بِهِ.
وَإِنْ جُعِلَ كَانَ لَهَا أَنْ تَتَعَجَّلَ بِهِ الْفَسْخَ فَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ، وَظَهَرَتْ عُنَّتُهُ، أُجِّلَ لَهَا؛ لِأَنَّ نَقْصَهُ بِالْعُنَّةِ غَيْرُ نَقْصِهِ بِالْخُنُوثَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال الشافعي: " أَوْ كَانَ يُصِيبُ غَيْرَهَا وَلَا يُصِيبُهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو حَالُ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
إِمَّا أن تعدمن جَمِيعِهِنَّ، وَكَانَ يَطَأَهُنَّ كُلَّهُنَّ، انْتَفَتْ عَنْهُ الْعُنَّةُ عموماً.
وما لم تعدمن جميعهن وكان يطأهن كلهن، ولا خيار، وإن عدمن جميعهن فلا يطأ واحدة منهن فإذا سألوا تأجيله أجل لهم حَوْلًا؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ يُعْتَبَرُ بِهَا حَالُهُ فَاسْتَوَى حُكْمُهَا فِي حُقُوقِهِنَّ كُلِّهِنَّ فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ كَانَ لَهُنَّ الْخِيَارُ، فَإِنِ اجْتَمَعْنَ عَلَى الْفَسْخِ، كَانَ ذَلِكَ لَهُنَّ، وَإِنِ افْتَرَقْنَ أَجْرَى عَلَى كل واحدة حكم اختيارها، وإن عزم بعضهن دون بعض فوطأ اثنتين، ولم يطأ اثنتين ثبتت عنته، فن امتنع من وطئها، وإن سقطت عنته فِي جَمِيعِهِنَّ، وَلَا خِيَارَ لِمَنْ لَا يَطَأْهَا مِنْهُنَّ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنِّينًا وَغَيْرَ عِنِّينٍ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُ أن يلحقه العنة من بعضهن لما في طبعه في الميل إليهن، وقوة الشهوة لهن مختص كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِحُكْمِهَا مَعَهُ.
وَإِذَا أخبرها الزوج قبل النكاح أَنَّهُ عِنِّينٌ فَنَكَحَتْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ تَأْجِيلَهُ لِلْعُنَّةِ، وَفَسْخِ النِّكَاحِ بِهَا، فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ فِي الْقَدِيمِ: ليس لها ذلك، ولا خيار لها، كَمَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِعَيْنِ ذَلِكَ مِنْ عُيُوبِهِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ لَهَا الْخِيَارُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُيُوبِ، لِأَنَّ الْعُنَّةَ قَدْ تَكُونُ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ وَمِنِ امْرَأَةٍ دون امرأة، وغيرها من العيوب تكون فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا وَمِنَ النِّسَاءِ كُلِّهِنَّ.
مَسْأَلَةٌ
قال الشافعي: " فسألت فرقته أجلته سنةً من يوم ترافعا إلينا (قال) فإن أصابها مرةً واحدةً فهي امرأته ".
اعْلَمْ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْخِيَارِ بِالْعُنَّةِ، وَتَأْجِيلَ الزَّوْجِ فيه لا يسار إلا بحكم حاكم لِأَنَّ الْخِيَارَ مُسْتَحَقٌّ بِاجْتِهَادٍ، وَتَأْجِيلُ السَّنَةِ عَنِ اجتهاد وما أخر ثُبُوتُهُ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ دُونَ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَمْ يَسْتَقِرَّ إِلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ عَلِمَتِ الْمَرْأَةُ بِعُنَّةِ الزَّوْجِ، كَانَ حَقُّهَا فِي مُرَافَعَتِهِ إِلَى الْحَاكِمِ عَلَى التَّرَاخِي دُونَ الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّأْجِيلِ عَيْبٌ مَظْنُونٌ، وَلَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ، فَإِنْ أجزت محاكمته سنة، رافعته إلى الحاكم، استأنف بها الحول،