إما أن يراجع أو لَا يُرَاجِعَ، فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْفَسْخِ، وَفِي عِدَّتِهَا قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى، وَإِنْ رَاجَعَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِالْفَسْخِ دون الطلاق، وأول عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ، وَهِيَ عِدَّةُ حُرَّةٍ، لِأَنَّهَا بَدَأَتْ بِهَا، وَهِيَ حُرَّةٌ وَإِنِ اخْتَارَتِ الْمُقَامَ فَلَا تَأْثِيرَ لِهَذَا الِاخْتِيَارِ، لِأَنَّ جَرَيَانَهَا فِي الْفَسْخِ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِقْرَارِ حُكْمِ الرِّضَى.
وَقَالَ أبو حنيفة: قَدْ بَطَلَ خِيَارُهَا بِالرِّضَى، وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَنْ تَفْسَخَ، لِأَنَّ أحكام الزوجية جَارِيَةً عَلَيْهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا إِنْ رَضِيَتْ، وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ الْجَارِيَةَ فِي عِدَّةِ الْفُرْقَةِ لا يلزمها حكم الرضى إذا أعتقت كَمَا لَوِ ارْتَدَّ، وَقَالَ أَنْتِ بَائِنٌ فَإِنَّ أبا حنيفة يُوَافِقُ فِيهِمَا أَنَّ الرِّضَى غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، فَعَلَى هَذَا لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَ لَا يَخْتَلِفُ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِالطَّلَاقِ، وَكَانَ فِي عِدَّتِهَا قَوْلَانِ: وَإِنْ رَاجَعَ عَادَتْ بِالرَّجْعَةِ إِلَى الزَّوْجِيَّةِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الفسخ، والمقام، لِأَنَّ ذَلِكَ الرِّضَى لَمَّا كَانَ فِي غَيْرِ محله سقط حكمه، فإن اختارت المقام كان عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَإِنِ اخْتَارَتِ الْفَسْخَ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ حرة من وفت الْفَسْخِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَقْتَ الْعِتْقِ اخْتِيَارُ الْمُقَامِ وَلَا الْفَسْخُ فَهُوَ عَلَى مَا ذكرنا من أن الزوج أَنْ يُرَاجِعَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بِطَلَاقِهِ وَفِي عِدَّتِهَا قَوْلَانِ، وَإِنْ رَاجَعَ كَانَتْ حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ فَإِنْ فَسَخَتِ اسْتَأْنَفَتْ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ عِدَّةَ حُرَّةٍ.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ قَدْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ فَقَدِ اسْتَوْفَى مَا مَلَكَهُ مِنْ طَلَاقِهَا فَإِنْ أُعْتِقَتْ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهَا مَبْتُوتَةٌ بِالطَّلَاقِ فَصَارَتْ بَائِنًا، وَهَكَذَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ إِذَا أُعْتِقَتْ؛ لِأَنَّهَا بِالْخُلْعِ مَبْتُوتَةٌ وَإِنْ بَقِيَ لَهَا مِنَ الطَّلَاقِ وَاحِدَةٌ.
فَصْلٌ
وَإِذَا أُعْتِقَتِ الْأَمَةُ تَحْتَ عَبْدٍ فَبَادَرَ الزَّوْجُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْفَسْخِ فَفِي وُقُوعِ طَلَاقِهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: - رَوَاهُ الرَّبِيعُ - أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا لِلْفَسْخِ يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِ الزَّوْجِ فِيهَا بِغَيْرِ الطَّلَاقِ فَمَنَعَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالطَّلَاقِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: - نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ - إِنَّ طَلَاقَهُ وَاقِعٌ، لِأَنَّهَا قَبْلَ الْفَسْخِ زَوْجَةٌ، وَإِنِ اسْتَحَقَّتِ الْفَسْخَ وَالطَّلَاقَ، وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْفَسْخِ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ يُضَادُّهُ كَالِاسْتِمْتَاعِ وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ سُرَيْجٍ.
وَقَالَ أَبُو حامد الإسفراييني: الطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ فَسَخَتْ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يكن واقعاً، وإن لم يفسخ بان أنه كان واقعاً كطلاق المرتدة، والله أعلم.
قال الشافعي: " وإن تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهِيَ عَلَى واحدةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي أَمَةٍ أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَإِنْ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ