قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَمَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى بِاعْتِزَالِ الْحُيَّضِ فَاسْتَدْلَلْنَا بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا أَرَادَ فقلنا تَشُدُّ إِزَارَهَا عَلَى أَسْفَلِهَا وَيُبَاشِرُهَا فَوْقَ إِزَارِهَا حتى يطهرن حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ وَتَرَى الطُّهْرَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أما وطء الحائط فِي الْفَرْجِ فَحَرَامٌ بِالنَّصِّ، وَالْإِجْمَاعِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُل هُوَ أذَى فَاعْتَزِلَوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ) {البقرة: 222) . وَفِي هَذَا الْمَحِيضِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ دَمَ الْحَيْضِ.
وَالثَّانِي: زَمَانَ الْحَيْضِ.
وَالثَّالِثُ: مَكَانَ الْحَيْضِ.
ثُمَّ قَالَ: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) {البقرة: 222) . أي ينقطع دمهن، فإذا تطهرن فِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: فَإِذَا انْقَطَعَ دَمُهُنَّ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أبي حنيفة.
وَالثَّانِي: فَإِذَا تَطَهَّرْنَ بِالْمَاءِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أمَرَكُمُ اللهُ) {البقرة: 222) . فِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي الْقُبُلِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ فِي حال الحيض، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالثَّانِي: مِنْ قِبَلِ طُهْرِهِنَّ لَا مِنْ قِبَلِ حَيْضِهِنَّ، وَهَذَا تَأْوِيلُ عِكْرِمَةَ، وَقَتَادَةَ فَصَارَ تَحْرِيمُ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْقُبُلِ نَصًّا وَإِجْمَاعًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ فِيهِ خِلَافُ أَحَدٍ، فَلَوِ اسْتَحَلَّ رَجُلٌ وَطْءَ حَائِضٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ كَانَ كَافِرًا، وَلَوْ فَعَلَهُ مَعَ الْعِلْمِ بِتَحْرِيمِهِ كَانَ فَاسِقًا.