الحاوي الكبير (صفحة 4142)

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ تَحْرِيمُ نَسَبٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلنَّسَبِ كَاتِّبَاعِهِ فِي حَقِّ الْأُمِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ فِي الثُّبُوتِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لَهُ فِي النَّفْيِ كَالْمِيرَاثِ، وَلَا مدخل على هذا ولد الملاعنة لما سَنَذْكُرُهُ؛ وَلِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَوْ حَرُمَتْ عَلَى الزَّانِي بِالْبُنُوَّةِ لَحَرُمَتْ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ بِحُكْمِ الْبُنُوَّةِ وَالْأُخُوَّةِ، وَفِي إِبَاحَتِهَا لَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَتِهَا لِلزَّانِي.

فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِالْآيَةِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ بَنَاتِهِ فَتَدْخُلُ فِي آيَةِ التَّحْرِيمِ كَمَا لَمْ تَكُنْ مِنْ بَنَاتِهِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوصيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ للذَّكَرِ) {النساء: 11) الْآيَةَ.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ مِنْ مَائِهِ، فَهَذَا غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَمْ يَسْلَمْ، ثُمَّ لَمَّا لَمْ يَمْنَعْ خَلْقُهَا مِنْ مَائِهِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ نَسَبٌ وَلَا مِيرَاثٌ لَمْ يمنع أن يَتَعَلَّقَ بِهِ تَحْرِيمٌ.

فَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى وَلَدِ الشُّبْهَةِ فَالْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَمِيرَاثُهُ ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ وَوَلَدُ الزِّنَا بِخِلَافِهِ.

وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ عَلَى وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَالْحُكْمُ فِي وَلَدِ الملاعنة أنه إِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِأُمِّهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا بَنَتُ امْرَأَةٍ قَدْ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مَا دَخَلَ بِهَا فَفِي تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِيُّ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَوَلَدِ الزِّنَا فَعَلَى هَذَا بطل الْقِيَاسُ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لو اعترف بها بعد الزنا لَحِقَتْ، وَوَلَدُ الزِّنَا لَوِ اعْتَرَفَ بِهِ لَمْ يلحق فصار وَلَد الزِّنَا مُؤَبَّدًا وَنَفْيُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ فَافْتَرَقَا فِي النَّفْيِ، فَكَذَلِكَ مَا افْتَرَقَا في الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015