قال الشافعي: " وَلَا وِلَايَةَ لأحدٍ مَعَ الْأَبِ فَإِنْ مَاتَ فَالْجَدُّ ثُمَّ أَبُو الْجَدِّ ثُمَّ أَبُو أَبِي الجد كذلك لأن كلهم أبٌ فِي الثِّيِّبِ وَالْبِكْرِ سواءٌ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ أَقْرَبُ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ إِلَيْهَا وَأَحَقُّهُمْ بنكاحها الأب، لأنها بعضه وَهِيَ مِنْهُ بِمَثَابَةِ نَفْسِهِ.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " فَاطِمَةُ بِضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا يريبها ".
وقد قيل في قَوْله تَعَالَى: {كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسَكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنَ وَالأَقْرَبِينَ) {النساء: 135) . أَنَّ الْأَنْفُسَ هَاهُنَا الْأَوْلَادُ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَكْثَرُ العصبات شفقة وحباً وأعظمهم رفقة وحنواً وصار بها أمس ويطلب الْحَظَّ لَهَا أَخَصَّ، وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الولد مبخلة مجبنة مجهلة محزنة " وَلِأَنَّ سَائِرَ الْعَصَبَاتِ بِهِ يَدُلُّونَ وَإِلَيْهِ يَنْتَسِبُونَ وَالَمُدَلَّى بِهِ أَقْوَى مِنَ الْمُدَلِي، وَلِأَنَّهُ يَلِي عَلَى الْمَالِ وَالنِّكَاحِ أَقْوَى مِمَّنْ تَفَرَّدَ بِالْوِلَايَةِ عَلَى النِّكَاحِ فَصَارَ الْأَبُ بِهَذِهِ الْمَعَانِي الْأَرْبَعَةِ أَوْلَى بِالْوِلَايَةِ فِي النِّكَاحِ مِنْ سَائِرِ الْعَصَبَةِ.
فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ أَوْ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُ بِكُفْرٍ، أَوْ رِقٍّ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ فِسْقٍ، فَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ أَحَقُّ الْعَصَبَاتِ بِالْوِلَايَةِ بَعْدَ الْأَبِ.
وَقَالَ مَالِكٌ الْأَخُ بَعْدَ الْأَبِ أَحَقُّ بِالْوِلَايَةِ مِنَ الْجَدِّ، لِأَنَّ الْأَخَ ابْنُ الْأَبِ والجد أبو أب الْأَبِ وَالِابْنُ أَقْوَى تَعْصِيبًا مِنَ الْأَبِ، وَهَذَا خطأ، لأن في الجد بعضية ليست في الأخ فصار بها متشابهاً لِلْأَبِ، وَلِأَنَّ لِلْجَدِّ وِلَايَةً عَلَى الْمَالِ وَالنِّكَاحِ فَكَانَ أَوْلَى مِنَ الْأَخِ الَّذِي تَخْتَصُّ وِلَايَتُهُ بِالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّ الْجَدَّ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْأَبِ فَكَانَ بَعْدَهُ أَوْلَى مِنَ الْأَخِ الَّذِي قَدْ كَانَ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ.
فَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِأَنَّ الْأَخَ ابْنُ الْأَبِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ أبيه ففاسد من وجهين بابن المرأة وأبيها.
فَصْلٌ
فَإِنْ مَاتَ الْجَدُّ أَوْ بَطَلَتْ وِلَايَتُهُ بِكُفْرٍ، أَوْ رِقٍّ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ فِسْقٍ قالوا: فالولاية