الحاوي الكبير (صفحة 3948)

أَحَدُهُمَا: مُرْسَلٌ بِغَيْرِ أَمَدٍ وَلَا مَحْصُورٍ بِعَدَدٍ وَمَهْمَا طَلَّقَ كَانَ لَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَنْ يراجع؛ لأنه لما م يَنْحَصِرْ عَدَدُ نِسَائِهِ لَمْ يَنْحَصِرْ طَلَاقُهُنَّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَحْصُورٌ بِالثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ عَدَدُ الْمَنْكُوحَاتِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ أَغْلَظُ؛ فَعَلَى هَذَا إِذَا اسْتَكْمَلَ طَلَاقَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا هَلْ تَحِلُّ لَهُ بَعْدَ زَوْجٍ أَمْ لَا.

عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَحِلُّ لِمَا خُصَّ بِهِ مِنْ تَحْرِيمِ نِسَائِهِ عَلَى غَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَحِلُّ لَهُ أَبَدًا لِمَا عَلَيْهِ مِنَ التَّغْلِيظِ فِي أَسْبَابِ التَّحْرِيمِ.

وَالْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: إِنِ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ عليه بين أزواجه، على وجهين:

أحدهما: كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ، وَيَقُولُ " اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تؤاخذني فيما لا أملك يعني: قلبه وطيفه عَلَى نِسَائِهِ مَحْمُولًا فِي مَرَضِهِ حَتَّى حَلَلْنَهُ فِي الْمُقَامِ عِنْدَ عَائِشَةَ.

وَهَمَّ بِطَلَاقِ سَوْدَةَ، فَقَالَتْ؛ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُحْشَرَ فِي جُمْلَةِ نِسَائِكَ، وَقَدْ وَهَبْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ فَكَفَّ عَنْ طَلَاقِهَا وَكَانَ يَقْسِمُ لِنِسَائِهِ يَوْمًا يَوِمًا، ولعائشة يومين، يومها، ويوم سودة، وقيل: فِي ذَلِكَ نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَإنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ عَلَى بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إعْرَاضاً فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) {النساء: 128) وهو قول السدي.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَهُنَّ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَإِنَّمَا كَانَ يَتَطَوَّعُ بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ وَطَائِفَةٍ لِمَا فِي وُجُوبِهِ عَلَيْهِ مِنَ التَّشَاغُلِ عَنْ لَوَازِمَ الرِّسَالَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءَ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إلَيْكَ مَنْ تَشَاء) {الأحزاب: 51) وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ تَعْزِلُ مَنْ شِئْتَ مِنْ أَزْوَاجِكَ فَلَا تَأْتِيهَا وَتَأْتِي مَنْ شِئْتَ مِنْ أَزْوَاجِكَ فَلَا تَعْزِلُهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.

وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ تُؤَخِّرُ مَنْ شِئْتَ مِنْ أَزْوَاجِكَ وَتَضُمَّ إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ من أزواجك، وهذا قول قتادة {وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ) {الأحزاب: 51) أي من ابتغيت فآويته إليك ممن عزلت أن تؤويه إليك، " فلا جناح عليك " فيه تأويلان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015