عِنْدَهُ امْرَأَةٌ مَوْهُوبَةٌ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ؛ وَمَنْ قرأ بالفتح جعله خَبَرًا عَنْ ماضٍ قَالَ: قَدْ كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ وَهَبَتْ لَهُ نَفْسَهَا، وَاخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهَا أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ جَابِرِ بْنِ ضَبَابٍ، وَكَانَتِ امْرَأَةً صَالِحَةً، وَهَذَا قَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، وَهَذَا قَوْلُ عَائِشَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا ميمونةبنت الْحَارِثِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرَّابِعُ: أَنَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ أُمُّ الْمَسَاكِينِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَنْ وَهَبَتْ لَهُ نَفْسَهَا، أَوْ شُرِطَ لَهُ في المستقبل أن تقبل من وهبت له نفسها خالصة مَنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ، كَانَ دَلِيلًا قَاطِعًا عَلَى من خالف.
وروي عَنْ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي منك، فقال: " مالي فِي النِّسَاءِ مِنْ حاجةٍ " فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا لَأَنْكَرَ عَلَيْهَا هِبَتَهَا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " حبب إليّ من دنياكم ثلاث النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ".
فاختلف أهل العلم في معنى تحبيب النساء إليه عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الِابْتِلَاءِ وَالتَّكْلِيفِ حَتَّى لَا يَلْهُوَ بِمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ من النساء عما