ومن لا تلزمه نفقته من قرابته ما عدا ولده ووالده ولا يعطى ولد الولد صغيرا ولا كبيرا زمنا ولا أخا ولا جدا ولا جدة زمنين ويعطيهم غير زمنى لأنه لا تلزمه نفقتهم إلا زمنى ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَقَارِبَ صَاحِبِ الْمَالِ مِنْ مَنَاسِبِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ أَوْلَى بِزَكَاةِ مَالِهِ مِنَ الْأَجَانِبِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُمْ ضَرْبَانِ:
ضَرْبٌ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ، وَضَرْبٌ لَا تَجِبُ.
فَأَمَّا مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ بِفَقْرِهِ وَزَمَانَتِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ فَهُمُ الْوَالِدُونَ وَالْمَوْلُودُونَ، فَالْوَالِدُونَ الْآبَاءُ، وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ، وَالْجَدَّاتُ مِنْ قِبَلِ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ.
وَأَمَّا الْمَوْلُودُونَ فَالْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ وَبَنُو الْبَنِينَ وَبَنُو الْبَنَاتِ.
وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُمْ فَهُمْ مَنْ عَدَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ الْأُخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ وَمَنِ اتَّصَلَ بِهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ.
وَقَالَ أبو حنيفة: تَجِبُ نَفَقَةُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ فَإِذَا كَانَ الْأَقَارِبُ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ كَانُوا أَوْلَى بِالزَّكَاةِ مِنَ الْأَجَانِبِ الْبُعَدَاءِ سَوَاءً كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِنْ تَطَوَّعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ صَارُوا فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ كَمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ.
وَهَذَا خَطَأٌ، لِأَنَّ لَهُ قَطْعَ مَا تَطَّوَّعَ بِهِ مِنَ النَّفَقَةِ فَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِمُ الصدقة كتطوعه بنفقات الأجانب.
وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَاتُهُمْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ إِنْ كَانُوا فُقَرَاءَ أَوْ مَسَاكِينَ لِأَنَّهُمْ بِوُجُوبِ نَفَقَاتِهِمْ عَلَيْهِ قَدْ صَارُوا بِهِ أَغْنِيَاءَ، وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُرْتَفِقًا بِهَا فِي سُقُوطِ نَفَقَاتِهِمْ عَنْهُ، فَلَمْ يَجُزْ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، فَأَمَّا إِنْ كَانُوا مِنَ الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ سَهْمَ الْعَامِلِينَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ سَهْمَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ فَكَانَ عِوَضًا فَإِنْ كَانُوا مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ إِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ وَلَمْ يُعْطِهِمْ مِنْهُ إِنْ كَانُوا فَقُرَاءَ، لِأَنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَاتُهُمْ عَنْهُ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنْهُ فَصَارَ مُرْتَفِقًا بِهَا.
وَإِنْ كَانُوا مُكَاتَبِينَ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ سَهْمِ الرِّقَابِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُكَاتَبِ لَا تَجِبُ عَلَى مُنَاسِبٍ وَإِنْ كَانُوا مِنَ الْغَارِمِينَ جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ سَهْمِهِمْ سَوَاءً كَانُوا مِمَّنْ أَدَانَ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ مَصْلَحَةِ غَيْرِهِ، فَلَا يُعْطَى إِلَّا مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ أدان في المصالح العامة فيعطى مَعَ الْغِنَى وَالْفَقْرِ؛ لِأَنَّ مَا يُعْطَوْنَهُ يَلْزَمُهُمْ صَرْفُ دُيُونِهِمُ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا عَلَيْهِمْ، فَلَيْسَ يَرْتَفِقُ بِهَا فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهِمْ.
وَإِنْ كَانُوا مِنَ الْغُزَاةِ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْرَ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ فِي مَؤُونَةِ