(أَيُّهَا النَّاطِقُ الْمُقَرِّشُ عَنَّا ... عِنْدَ عَمْرٍو، فَهَلْ لَهُ إِبْقَاءُ)
وَهَذَا قَوْلُ الشَّعْبِيِّ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: إِنَّهُمْ سُمُّوا قُرَيْشًا لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا تُجَّارًا فِي رِحْلَتَيِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، لِأَنَّ التُّجَّارَ يُقَرِّشُونَ وَيُفَتِّشُونَ عَنْ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ وَحَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ.
وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: إِنَّهُمْ سُمُّوا قُرَيْشًا لِتَجَمُّعِهِمْ إِلَى الْحَرَمِ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ لِأَنَّ قُصَيًّا جَمَعَهُمْ إِلَيْهِ وَالتَّقَرُّشُ التَّجَمُّعُ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ.
(إِخْوَةٌ قَرَّشُوا الذُّنُوبَ عَلَيْنَا ... فِي حَدِيثٍ مِنْ دَهْرِهِمْ وَقَدِيمِ)
وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى.
وَالْقَوْلُ السَّادِسُ: إِنَّهُمْ سُمُّوا قُرَيْشًا لِقُوَّتِهِمْ تَشْبِيهًا بِدَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ قَوِيَّةٍ تُسَمَّى قُرَيْشًا كما قال تبع بن عمرو الجبري:
(وقريش هي التي تسكن البحر ... بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشُ قُرَيْشَا)
(تَأْكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ ولا تترك ... يوما من جَنَاحَيْنِ رِيشَا)
(هَكَذَا فِي الْعِبَادِ حَيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ الْبِلَادَ أَكْلًا كَشِيشَا)
(وَلَهُمْ آخِرُ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا)
(يَمْلَأُ الْأَرْضَ خيلة ورجالا ... يحشرون المطي حشرا كَمِيشَا)
فَلَمَّا فَرَغَ عُمَرُ مِنْ قُرَيْشٍ دَعَا بَعْدَهُمْ بِالْأَنْصَارِ وَقَدَّمَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ بَعْدَ قُرَيْشٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ} [التوبة: 100] وَلِنُصْرَتِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال: 72] ؛ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْأَنْصَارُ كِرْشِي وَعَيْبَتِي لَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَالْأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَشَجَرَ بَيْنَ بَنِي سَهْمٍ وَعَدِيٍّ فِي زَمَانِ الْمَهْدِيِّ فَافْتَرَقُوا فَأَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِبَنِي عَدِيٍّ فَقُدِّمُوا عَلَى سَهْمٍ وجُمَحَ لِسَابِقَةٍ فِيهِمْ، وَلِأَنَّهُمْ أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْ قِبَلِ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا يَنْبَغِي أن يكون منع الديوان على مثل ما وضعه عُمَرُ يَبْدَأُ بِقُرَيْشٍ فَيُقَدِّمُ مِنْهُمْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ثُمَّ مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ بِنِي أَبٍ بَعْدَ أَبٍ حَتَّى يَسْتَوْعِبَ جَمِيعَ قُرَيْشٍ، ثُمَّ يُقَدِّمُ بَعْدَهُمُ الْأَنْصَارَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، ثُمَّ يَعْدِلُ بَعْدَهُمْ إِلَى مُضَرَ ثُمَّ