الحاوي الكبير (صفحة 3764)

باب الأنفال

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْخُمُسِ شيء غير السلب للقاتل قال أبو قتادة رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله عام حنين قال فلما التقينا كانت للمسلمين جولة فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ ثُمَّ أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر فقال ما بال الناس؟ قلت أَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ رَجَعُوا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سلبه " فقمت فقلت من يشهد لي؟ ثم جلست يقول وأقول ثلاث مرات فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي فَأَرْضِهْ منه. فقال أبو بكر رضي الله عنه لاها الله إذا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ تعالى يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صدق فأعطه إياه " فأعطانيه فبعت الدرع وابتعت بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مال تأثلته في الإسلام وروي أن شبر بن علقمة قال بارزت رَجُلًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَبَلَغَ سَلَبُهُ اثْنَيْ عَشَرَ ألفا فنفلنيه سعد ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ مَنْ قَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُشْرِكًا فِي مَعْرَكَةِ الْحَرْبِ فَلَهُ سَلَبُهُ، سَوَاءٌ شَرَطَهُ الْإِمَامُ لَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ، وَلَا يُخَمِّسْهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ سَلَبُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ. لَكِنْ يُخَمِّسُهُ.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَيْسَ لَهُ سَلَبُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْإِمَامُ لَهُ فَيُعْطِيهِ لِلشَّرْطِ مِنْ جُمْلَةِ الْخُمُسِ اسْتِدْلَالًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] .

وَرِوَايَةُ مُعَاذٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ لِلْمَرْءِ إِلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إِمَامِهِ " وَبِرِوَايَةِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَرَافَقَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَتَلَ رُومِيًّا فَأَخَذَ سَلَبَهُ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فأخذ منه السَّلَبِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا خَالِدُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَضَى بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، قُلْتُ لَتَرُدَّنَّهُ عَلَيْهِ أَوْ لَأُعَرِّفَنَّكُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يرده،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015