الحاوي الكبير (صفحة 3756)

مُخْتَصَرٌ مِنْ كِتَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَقَسْمِ الْغَنَائِمِ

مسألة:

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " أَصْلُ مَا يَقُومُ به الولاة من جمل الْمَالِ ثَلَاثَةَ وُجُوهٍ أَحَدُهَا مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ تَطْهِيرًا لَهُ فَذَلِكَ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ لَا لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْوَجْهَانِ الْآخَرَانِ مَا أُخِذَ من مال مشرك كلاهما مُبَيَّنٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفعله فأحدهما الغنيمة قال تبارك وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خمسه وللرسول} [الأنفال: 41] . الآية. والوجه الثاني هو الفيء قال الله تعالى: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى} [الحشر: 7] الآية. (قال الشافعي) رحمه الله: فالغنيمة والفيء يجتمعان في أن فيهما معا الخمس من جميعهما لمن سماه الله تعالى له في الآيتين معا سواء ثم تفترق الأحكام في الأربعة الأخماس بما بين الله تبارك وتعالى على لسان رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفي فعله فإنه قسم أربعة أخماس الغنيمة على ما وصفت من قسم الغنيمة وهي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غني وفقير والفيء هو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فَكَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في قرى عربية أفاءها الله عليه أربعة أخماسها لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاصة دون المسلمين يضعه حيث أراه الله تعالى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حيث اختصم إليه العباس وعلي رضي الله عنهما فِي أَمْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفِ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاصة دون المسلمين فكان يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ فَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فوليها أبو بكر بِمِثْلِ مَا وَلِيَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثم وليها عمر بِمِثْلِ مَا وَلِيَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأبو بكر فوليتكماها على أن تعملا فيها بمثل ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلي أكفيكماها (قال الشافعي) وفي ذلك دلالة على أن عمر رضي الله عن حكى أن أبا بكر وهو أمضيا ما بقي من هذه الأموال التي كانت بيد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ما رأيا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعمل به فيها وأنه لم يكن لهما مما لم يوجف عليه من الفيء ما للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأنهما فيه أسوة المسلمين وكذلك سيرتهما وسيرة من بعدهما وقد مضى من كان ينفق عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ولم أعلم أحدا من أهل العلم قال إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015