وَإِنْ كَانَتْ بِهِ إِلَى النِّسَاءِ حَاجَةٌ لِمَا يرى من فورته عَلَيْهِنَّ، وَمَيْلِهِ إِلَيْهِنَّ، زَوَّجَهُ الْوَصِيُّ، لِمَا فِيهِ من المصلحة له، وَتَحْصِينِ فَرْجِهِ، وَلَا يَزِيدُهُ عَلَى وَاحِدَةٍ، وَلَا يزوجه إلا بمن اختارها من أكفائه.
فإذا أَذِنَ لَهُ الْوَصِيُّ فِي تَوَلِّي الْعَقْدِ بِنَفْسِهِ، جَازَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَمَا دُونَ وَإِنْ نَكَحَ بأكثر من مهر المثل، ردت الزيادة على وليه، ودفع الْمَهْرَ عِنْدَ طَلَبِهِ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَعَلَيْهِ بالمعروف لمثلها مِنْ غَيْرِ سَرَفٍ، وَلَا تَقْصِيرٍ.
قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " ومثله يخدم اشترى له ولا يجمع له امرأتين ولا جاريتين للوطء وإن اتسع ماله لأنه لا ضيق في جارية للوطء ".
قال الماوردي: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَمِثْلُهُ يُخْدَمُ اشْتَرَى له خادما.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى خَادِمٍ: تَرَكَهُ وَخَدَمَ نَفْسَهُ. وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى خَادِمٍ فَإِنِ اكْتَفَى بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ: اقْتَصَرَ عَلَيْهَا.
وَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِخِدْمَةِ زَوْجَتِهِ نُظِرَ: فَإِنْ ضَاقَ مَالُهُ اكْتَرَى لَهُ خَادِمًا وَإِنِ اتَّسَعَ اشْتَرَى لَهُ خادما.
فإن كانت خدمته، تَقُومُ بِهَا الْجَوَارِي، وَأَمْكَنَ أَنْ تَقُومَ الْجَارِيَةُ بخدمته واستمتاعه: اقتصر على جارية الخدمة والاستمتاع بزوجه.
وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْجَارِيَةُ لِاسْتِمْتَاعِ مِثْلِهِ: اشْتَرَى لَهُ مَعَ التَّزْوِيجِ جَارِيَةً لِخِدْمَتِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ خِدْمَتُهُ مِمَّا لَا يَقُومُ بِهَا إِلَّا الْغِلْمَانُ: اشْتَرَى لَهُ غُلَامًا لِخِدْمَتِهِ.
فَإِنِ احْتَاجَ فِي خِدْمَتِهِ إِلَى خِدْمَةِ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ مَنْزِلِهِ، وَغُلَامٍ لِخِدْمَتِهِ فِي تَصَرُّفِهِ، اشْتَرَاهُمَا لَهُ إِذَا اتَّسَعَ مَالُهُ، وَفِي الْجُمْلَةِ أَنَّهُ يُرَاعِي فِي ذَلِكَ مَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ، وَجَرَتِ الْعَادَةُ بِمِثْلِهِ.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِنْ أَكْثَرَ الطَّلَاقَ لَمْ يُزَوَّجْ وَسرّى وَالْعِتْقُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: طَلَاقُ السَّفِيهِ وَاقِعٌ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ أبو يوسف: طَلَاقُ السَّفِيهِ لَا يَقَعُ. اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الطَّلَاقَ اسْتِهْلَاكُ مَالٍ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ فِي الْخُلْعِ فَمُنِعَ مِنْهُ السَّفِيهُ، كَالْعِتْقِ.
وَهَذَا فَاسِدٌ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَاطِعٌ لِلِاسْتِدَامَةِ ومانع من الاستمتاع وليس بإتلاف مال، إنما يستفاد به إسقاط مال، لأنه إذا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ: أَسْقَطَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ، أَسْقَطَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ، وَخَالَفَ الْعِتْقَ الذي هو استهلاك مال، ولذلك جاز للكاتب أَنْ يُطَلِّقَ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْتِقَ، وَجَازَ طلاق العبد وإن لم يأذن له فِيهِ السَّيِّدُ، وَالْعِوَضُ الْمَأْخُوذُ فِي الْخُلْعِ