وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْوَصِيَّةِ مِنْ جِنْسِ كِتَابَتِهِمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.
وَالْأَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ دَفْعَهُ إِلَى الْمُكَاتَبِ دُونَ سَيِّدِهِ أَجْزَأَ.
وَلَوْ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ أَخْذِهِ، وَقَبْلَ اسْتِهْلَاكِهِ، لَمْ يُسْتَرْجَعْ مِنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَاسْتُرْجِعَ مِنْهُ فِي الزَّكَاةِ. لِأَنَّ الْوَصَايَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى الْأَغْنِيَاءِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ.
فَلَوْ لَمْ يَجِدْ مِنَ الْمُكَاتَبِينَ ثَلَاثَةً: دَفَعَ إِلَى مَنْ وَجَدَ مِنْهُمْ وَلَوْ وَاحِدًا.
وَلَوْ وَجَدَ ثَلَاثَةً: لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُمْ.
فَإِنْ دَفَعَهُ إِلَى اثْنَيْنِ مَعَ وُجُودِ الثَّالِثِ: ضَمِنَ حِصَّتَهُ وَفِيهَا وَجْهَانِ حَكَاهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ.
أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ الثُّلُثَ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، لِأَنَّ التَّفْضِيلَ جَائِزٌ مَعَ الِاجْتِهَادِ، فَإِذَا عَدَلَ عَنْ الِاجْتِهَادِ، لَزِمَ التَّسْوِيَةُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ قَدْرَ مَا كَانَ يؤديه اجتهاده إليه لو اجتهد لأن القدر الذي تعدى فيه.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فإن لم يبلغ ثلاثة رقاب وبلغ أقل رقبتين يجدهما ثمنا وفضل فضل جَعَلَ الرَّقَبَتَيْنِ أَكْثَرُ ثَمَنًا حَتَّى يُعْتِقَ رَقَبَتَيْنِ وَلَا يَفْضُلُ شَيْئًا لَا يَبْلُغُ قِيمَةَ رَقَبَةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أَغْفَلَ الْمُزَنِيُّ صُورَتَهَا، وَنَقْلَ جَوَابِهَا، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ نَصًّا فِي الْأُمِّ.
وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ قَالَ أَعْتِقُوا بِثُلُثِي رِقَابًا. أَوْ قَالَ حَرِّرُوا بِثُلُثِي رِقَابًا.
فَهَذَا يُشْتَرَى بِثُلُثِهِ رِقَابٌ يُعْتَقُونَ عَنْهُ وَلَا يُصْرَفُ في المكاتبين لأن ذكر العتق والتحرر صَرَفَهُ عَنْهُمْ.
وَأَقَلُّ مَا يُشْتَرَى بِهِ ثَلَاثُ رِقَابٍ إِذَا أَمْكَنُوا. اعْتِبَارًا بِأَقَلِّ الْجَمْعِ. فَإِنِ اتَّسَعَ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ: اشْتُرِيَ بِهِ مَا بَلَغُوا، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ إِمْكَانِ الزِّيَادَةِ بِخِلَافِ صَرْفِهِ فِي الْمُكَاتَبِينَ حَيْثُ جَازَ الاختصار عَلَى الثَّلَاثَةِ مَعَ إِمْكَانِ الزِّيَادَةِ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْوَاحِدُ مِنَ الْمُكَاتَبِينَ، قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَلَا يَجُوزُ فِي عِتْقِ الرَّقَبَةِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَمَنِهَا وَلَا يُنْقِصَ مِنْهُ.
فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَالُ الْوَصِيَّةِ ثَمَنَ ثَلَاثِ رِقَابٍ، صَرَفَهُ فِي رَقَبَتَيْنِ: فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الرَّقَبَتَيْنِ فَضْلَةٌ، فَإِنْ كَانَتِ الْفَضْلَةُ لَا يَقْدِرُ بِهَا عَلَى بَعْضِ ثَالِثَةٍ زَادَهَا فِي ثَمَنِ الرَّقَبَتَيْنِ، ليكون أكثرهما ثَمَنًا، فَتَكُونُ أَكْثَرَ ثَوَابًا.
وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ بِالْفَضْلَةِ عَلَى بَعْضِ ثَالِثَةٍ، فَفِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: