الحاوي الكبير (صفحة 3609)

فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْحَيَّاتِ، وَالْعَقَارِبِ، وَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ، وَالسِّبَاعِ، وَالذُّبَابِ: فَبَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِي جَمِيعِهَا.

فأما الْوَصِيَّةُ بِالْفِيلِ.

فَإِنْ كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ: فَجَائِزٌ، لِجَوَازِ أَنْ يَبِيعَهُ، وَيُقَوَّمَ فِي التَّرِكَةِ، وَيُعْتَبَرَ مِنَ الثُّلُثِ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ: فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ.

فَأَمَّا الْفَهْدُ، وَالنَّمِرُ وَالشَّاهِينُ، وَالصَّقْرُ.

فَالْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ كُلِّهِ جَائِزَةٌ، لِأَنَّهَا جَوَارِحُ يُنْتَفَعُ بِصَيْدِهَا وَتُقَوَّمُ فِي التَّرِكَةِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا، وَتُعْتَبَرُ في الثلث.

وأما الوصية بما تصيده كلابه:

فَبَاطِلَةٌ: لِأَنَّ الصَّيْدَ، لِمَنْ صَادَهُ.

مَسْأَلَةٌ:

قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " أَعْطُوهُ طَبْلًا مِنْ طُبُولِي وَلَهُ طَبْلَانِ لِلْحَرْبِ وَاللَّهْوِ أَعْطَاهُ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَصْلُحِ الَّذِي لِلَّهْوِ إِلَّا لِلضَّرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ إِلَّا الَّذِي لِلْحَرْبِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ بَاطِلَةٌ.

وَالْوَصِيَّةُ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ.

مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ مَحْظُورَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ.

فَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةً، جَازَ بَيْعُ ذَلِكَ، وَالْوَصِيَّةُ بِهِ.

وَإِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ مَحْظُورَةً: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ، وَلَا الْوَصِيَّةُ بِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً: جَازَ بَيْعُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ لِأَجْلِ الْإِبَاحَةِ.

وَنُهِيَ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَظْرِ.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا: وَأَوْصَى لَهُ بِطَبْلٍ مِنْ طُبُولِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا طُبُولُ الْحَرْبِ، فَالْوَصِيَّةُ بِهِ جَائِزَةٌ، لِأَنَّ طَبْلَ الْحَرْبِ مُبَاحٌ ثُمَّ يُنْظَرُ.

فَإِنْ كَانَ اسْمُ الطَّبْلِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ جِلْدٍ، دفع إليه الطبل بغير الجلد.

وَإِنْ كَانَ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إِلَّا بِالْجِلْدِ: دُفِعَ إِلَيْهِ مَعَ جِلْدِهِ.

وَإِنْ كَانَتْ طُبُولُهُ كُلُّهَا طُبُولَ اللَّهْوِ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِلَّهْوِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، لِأَنَّ طُبُولَ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٌ.

وَإِنْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ في غير الْمَنَافِعِ الْمُبَاحَةِ جَازَتِ الْوَصِيَّةُ بِهَا.

وَإِنْ كَانَتْ طبوله نوعين: طبول حرب، وطبول اللهو، فَإِنْ كَانَتْ طُبُولُ اللَّهْوِ، لَا تَصْلُحُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ، لَمْ يُعْطَ إِلَّا طَبْلَ الْحَرْبِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015