الحاوي الكبير (صفحة 3584)

ومع صاحب الفرس أربع مائة وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا مِنَ الْفَرَسِ، فَتَصِيرُ الْوَصِيَّتَانِ أَلْفَ درهم هو ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الفرس مقسوم بين صاحب الفرس، وصاحب الثلث، عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ، مِنْهَا خَمْسَةُ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ، وَسَهْمٌ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، لِأَنَّ ثُلُثَيْ ذَلِكَ يُسَلَّمُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ، وَالثُّلُثَ مُوصًى بِهِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ، وَصَاحِبِ الْفَرَسِ، فَصَارَ بَيْنَهُمَا، فَيَصِيرُ الْفَرَسُ مقسوما على عشرة أسهم منها لصاحب الفرس أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَعْشَارِهِ، وَقِيمَةُ ذَلِكَ، أربع مائة، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ سَهْمَانِ وَهُمَا عَشَرَةٌ وَقِيمَةُ ذَلِكَ مائتا درهم. ثم يأخذ صاحب الفرس حقه من ألفين، وذلك أربع مائة درهم. فصار مع صاحب الفرس الثلث ست مائة درهم من الفرس. ومع صاحب الفرس أربع مائة من الفرس وَهُمَا جَمِيعًا أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُلُثُ جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أبي حنيفة. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " (وَلَوْ) أَوْصَى لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَلَمْ يُجِيزُوا فَلِلْأَجْنَبِيِّ النصف ويسقط الْوَارِثِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَعْتَرِضُوا فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَيِّتُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ بِالْوَصِيَّةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِسَعْدٍ: " الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ " فَإِنْ أَوْصَى بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، لَزِمَتِ الْوَصِيَّةُ فِي الثُّلُثِ وَكَانَتِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَرَدِّهِمْ.

والثاني: في اعتراض الورثة الوصية لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَةَ لِوَارِثٍ ".

فَإِنْ أَوْصَى لِوَارِثٍ فَمَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ مُخَرَّجٌ مِنْ كَلَامٍ لَهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، لَا تَصِحُّ وَإِنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا، وَلِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِنَسْخِهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ التَّفْرِيعُ. فعلى هذا:

لو أوصى لوارث بثلث ماله، ولأجنبي بثلث ماله، فقد استحق الورثة المنع في الْوَجْهَيْنِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِوَارِثٍ وَغَيْرِ وَارِثٍ، وَمِنَ الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ وَإِنِ احْتَمَلَهَا الثُّلُثُ.

وإذا كان كذلك: فللورثة أربعة أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُجِيزُوا الْأَمْرَيْنِ، الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ، وَالزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ، فَتَمْضِي الْوَصِيَّةُ لَهُمَا بِالثُّلُثَيْنِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015