عَلَى مَنْ حَضَرَهُ، فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَتِهِ، بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْعَدْلِ فِي وَصِيَّتِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ تَأْوِيلَهَا فَمَنْ خَافَ مِنْ أَوْصِيَاءِ الْمَيِّتِ جَنَفًا فِي وَصِيَّتِهِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ، فَأَصْلَحَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ، فِيمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ، فَيَرُدُّ الْوَصِيَّةَ إِلَى الْعَدْلِ وَالْحَقِّ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ تَأْوِيلَهَا فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فِي عَطِيَّتِهِ لِوَرَثَتِهِ عند حضور أجله، فأعطى بعضهم دُونَ بَعْضٍ، فَلَا إِثْمَ عَلَى مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ تَأْوِيلَهَا فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فِي وَصِيَّتِهِ لِمَنْ لَا يرثه لَمْ يَرْجِعْ نَفْعُهُ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ فَأَصْلَحَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ الله} [النساء: 12] . فلا ضرار فِي الْوَصِيَّةِ: أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، وَالْإِضْرَارُ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَبِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ. وَيَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ.
وَقَدْ رَوَى عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْإِضْرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ ".
وَقَالَ تعالى: {وصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب} [البقرة: 132] الْآيَةَ.
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يوصي فيه يبيت ليلتين، إلا ووصيته عند رأسه مَكْتُوبَةٌ ".
وَرَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ سبعين سنة، ثم يوصي، فيجنف في وصيته فيختم له بشر عمله، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ سَبْعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُوصِي فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ، فَيُخْتَمُ له بخير عمله ".
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال: " أعجز الموصي أن يوصي كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ ".
وَرَوَى أَبُو قَتَادَةَ أَنَّ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَمَّا دَخَلَ الْمَدِينَةَ، سَأَلَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ معرور، فقالوا: