قال الشافعي: الْخُنْثَى هُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ كَالرِّجَالِ وَفَرْجٌ كَالنِّسَاءِ أَوْ لَا يَكُونُ لَهُ ذَكَرٌ وَلَا فرج ويكون له ثُقْبٌ يَبُولُ مِنْهُ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُشْكَلُ الْحَالِ فَلَيْسَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَالْحُكْمُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الذُّكُورِ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ الْفَرْجُ عُضْوًا زَائِدًا وَإِنْ كَانَ بَوْلُهُ مِنْ فرجه فهو أنثى يجري عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِنَاثِ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ الْذكر عُضْوًا زَائِدًا لِرِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ وُلِدَ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ وَمَا لِلنِّسَاءِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُورَثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشام مات فترك أَوْلَادًا رِجَالًا وَنِسَاءً فِيهِمْ خُنْثَى فَسَأَلُوا مُعَاوِيَةَ فقال ما أدري اتئوا عَلِيًّا بِالْعِرَاقِ قَالَ: فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: مَنْ أَرْسَلَكُمْ، فَقَالُوا: مُعَاوِيَةُ، فَقَالَ: يَرْضَى بِحُكْمِنَا وَيَنْقِمُ عَلَيْنَا بَوِّلُوهُ فَمِنْ أَيِّهِمَا بَالَ فَوَرِّثُوهُ.
فَإِنْ بال منهما فقد اختلف الناس منه فَقَالَ أبو حنيفة وَصَاحِبَاهُ: أَعْتَبِرُ أَسْبَقَهُمَا وَأَجْعَلُ الحكم له قال أبو الحسن بْنُ اللَّبَّانِ الْفَرْضِيُّ: وَقَدْ حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَمْ أَرَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُزَنِيِّ، وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ حِكَايَةً عَنْ غَيْرِهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُهُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِأَسْبَقِهِمَا، وَلَوِ اعْتَبَرَ السَّبْقَ كَمَا قَالُوا لَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ كَمَا قَالَ أبو يوسف وَقَدْ قَالَ أبو حنيفة لأبي يوسف حِينَ قَالَ أُرَاعِي أَكْثَرَهُمَا أَفَتكيلُهُ؟ وَحُكِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْخُنْثَى إِذَا أَشْكَلَ حَالُهُ اعْتُبِرَتْ أَضْلَاعُهُ فَإِنَّ أضلاع الرجال ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَأَضْلَاعَ الْمَرْأَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَهَذَا لا أصل له لإجماعهم على تقديم المال على غيره فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ خُرُوجَ الْبَوْلِ مِنْهُمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُشْكِلًا فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِيرَاثِهِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يعطي الخنثى أقل نصيبه مِنْ مِيرَاثِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَتُعْطى الْوَرَثَةُ المشاركون له أقل ما يصيبهم من ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَيُوقِفُ الْبَاقِي حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ وَأَبُو ثَوْرٍ، وَقَالَ أبو حنيفة أُعْطِيهِ أَقَلَّ مَا يُصِيبُهُ مِنْ مِيرَاثِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَأُقَسِّمُ الْبَاقِيَ بَيْنَ الورثة، ولا أوقف شَيْئًا، وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْخُنْثَى فَقَالَ لَا أعرفه إما ذكرا أَوْ أُنْثَى، وَرُوِيَ عَنْهُ