قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وقلنا إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدُ الزِّنَا وَرِثَتْ أُمُّهُ حَقَّهَا وَإِخْوَتُهُ لِأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ وَنَظَرْنَا مَا بَقِيَ فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْلَاةَ وَلَاءِ عَتَاقَةٍ كان ما بقي ميراثا لموالي أمه وإن كانت عَرَبِيَّةً أَوْ لَا وَلَاءَ لَهَا كَانَ مَا بقي لجماعة المسلمين وقال بعض الناس فيها بقولنا إلا في خصلة إذا كانت عربية أو لا ولاء لها فعصبته عصبة أمه واحتجوا برواية لا تثبت وقالوا كيف لم تجعلوا عصبته عصبة أمه كما جعلتم مواليه موالي أمه؟ (قلنا) بالأمر الذي لم نختلف فيه نحن ولا أنتم ثم تركتم فيه قولكم أليس المولاة المعتقة تلد من مملوك؟ أليس ولدها تبعا لولائها كأنهم أعتقوهم يعقل عنهم موالي أمهم ويكونون أولياء في التزويج لهم؟ قالوا نعم قلنا فإن كانت عربية أتكون عصبتها عصبة ولدها يعقلون عنهم أو يزوجون البنات منهم؟ قالوا لا قلنا فإذا كان موالي الأم يقومون مقام العصبة في ولد مواليهم وكان الأخوال لا يقومون ذلك المقام في بني أختهم فكيف أنكرت ما قلنا والأصل الذي ذهبنا إليه واحد؟ ".
قال الماوردي: وهذا كَمَا قَالَ: وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ ينْتَفى عَنْ أَبِيهِ وَيَلْحَقُ بِأُمِّهِ لِرِوَايَةِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ألحق ابن الْمُلَاعَنَةِ بِأُمِّهِ وَاخْتَلَفُوا فِي نَفْيِهِ عَنْ أَبِيهِ بِمَاذَا يَكُونُ مِنَ اللِّعَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ.
أَحَدُهَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ وحده يقع الفرق وَينْتَفى عَنْهُ الْوَلَدُ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنْ بِلِعَانِهِمَا جَمِيعًا تَقَعُ الْفُرْقَةُ وَينْتَفى عَنْهُ الْوَلَد.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة أَنَّ بلعانها وحكم الحاكم يقع الْفُرْقَةُ وَينْتَفى عَنْهُ الْوَلَدُ وَحِجَاجُ هَذَا الْخِلَافِ يَأْتِي فِي كتَابِ اللِّعَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.