فَيَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبًا لَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ دُونَ الْعِدَّةِ وَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ يوجب انقضاء علق النكاح والميراث منهما فارتفع بارتفاعها ولو جاز اعتبار ذلك لصار الميراث موقوفا على خيارها إن شاءت تَأْخِيرَ الْغُسْلِ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَوَارِثُ الميت فقال وارث الميت بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَوَارُثَ وَقَالَ الْبَاقِي مِنْهُمَا بَلْ كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلِيَ الْمِيرَاثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَاقِي مِنَ الزَّوْجَيْنِ مَعَ يَمِينِهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الزَّوْجَ أَوِ الزَّوْجَةَ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَصْلَ اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ حَتَّى يُعْلَمَ سُقُوطُهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ بَقَاءِ الْعِدَّةِ حَتَّى يعلم تقضيها.
وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُخَوِّفٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ عَلَى مَا مَضَى.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُخَوِّفًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَعَقَّبَهُ صِحَّةٌ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ.
وَقَالَ زُفَرُ بن الهذيل: هو طلاق في المرض يرث فيه وهذا خطأ لأن ما يتعقبه الصِّحَّةُ فَلَيْسَ بِمُخَوِّفٍ وَإِنَّمَا ظُنَّ بِهِ الْخَوْفُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أن لَا يَتَعَقَّبَهُ الصِّحَّةُ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ حَادِثًا عن طريق غيره كمريض غرق أو أحرق أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ أَوِ افْتَرَسَهُ سَبُعٌ فهذا حكم الطلاق فيه كحكم الطَّلَاقِ فِي الصِّحَّةِ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة وقال مالك: هو طلاق في المرض يرث فِيهِ، وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْمَوْتِ مِنْ غَيْرِهِ يَرْفَعُ حُكْمَهُ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ الْمَوْتِ مِنْهُ فَهُوَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا تَوَارَثَا فِي الْعِدَّةِ سَوَاءٌ مَاتَ الزَّوْجُ أَوِ الزَّوْجَةُ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَإِنْ مَاتَتِ الزَّوْجَةُ لَمْ يَرِثْهَا إِجْمَاعًا، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِيرَاثِهَا عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى حَكَى الشَّافِعِيُّ مِنْهَا أَرْبَعَةَ مَذَاهِبَ جَعَلَهَا أَصْحَابُنَا أَرْبَعَةَ أَقَاوِيلَ لَهُ قَوْلَانِ مِنْهَا نَصًّا، وَقَوْلَانِ مِنْهَا تَخْرِيجًا.
أَحَدُهُمَا: لَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ كَمَا لَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهَا وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنَ التَّابِعِينَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الْمُزَنِيُّ وَدَاوُدُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ.
وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: أَنَّ لَهَا الْمِيرَاثَ مَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَإِنِ انْقَضَتْ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَمِنَ التَّابِعِينَ عُرْوَةُ وَشُرَيْحٌ.
وَمِنَ الْفُقَهَاءِ أبو حنيفة وصاحباه وسفيان الثوري وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِيِّ قَالَهُ نَصًّا.