فلو تَرَكَ أُخْتَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ، وَجَدًّا، كان المال بينهم على ستة ثم ترد الْأُخْتَانِ لِلْأَبِ سَهْمَيْهِمَا عَلَى الْأُخْتَيْنِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ، لِأَنَّ ذَلِكَ تَمَامُ الثُّلُثَيْنِ فَيَصِيرُ مَعَ الْأُخْتَيْنِ أربعة ومع الجد سهمان، ويرجع إلى ثلاثة وَلَوْ تَرَكَ أُمًّا، وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ، وَأَخَوَيْنِ وَأُخْتًا لِأَبٍ وَجَدًّا، كَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ مَا يَبْقَى، لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمُقَاسَمَةِ وَمِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي سِتَّةٍ تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سُدُسُهَا لِلْأُمِّ ثلاثة، والباقي لِلْجَدِّ خَمْسَةٌ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ تَمَامُ النِّصْفِ تِسْعَةٌ، وَيَبْقَى سَهْمٌ وَاحِدٌ لِوَلَدِ الْأَبِ عَلَى خَمْسَةٍ فَاضْرِبْهَا فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تَكُنْ تِسْعِينَ وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسَمِّيهَا الْفَرْضِيُّونَ تِسْعِينِيَّةَ زيد، ولو ترك أما، وأختا لأب ولأم، وَأَخًا، وَأُخْتًا لِأَبٍ وَجَدًّا، كَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ، لِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ وَثُلُثَ الباقي سواء فإن عملها عَلَى الْمُقَاسَمَةِ كَمَّلَتْ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفَ، وَجَعَلَتِ الْبَاقِيَ بَيْنَ وَلَدِ الْأَبِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَيَصِحُّ عَمَلُهَا مِنْ مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ عَمِلْتَهَا على إعطاء الجد ثلث الباقي أخذنا عَدَدًا تَصِحُّ مِنْهُ مَخْرَجَ السُّدُسِ وَثُلُثَ الْبَاقِي وأصله ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ مِنْهَا السُّدُسُ وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي خَمْسَةٌ، وَلِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ النِّصْفُ تِسْعَةٌ، وَالْبَاقِي وَهُوَ سَهْمٌ بَيْنَ وَلَدِ الْأَبِ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَاضْرِبْهَا فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ تَكُنْ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ فَتَصِحُّ مِنْهَا عَلَى هَذَا الْعَمَلِ الْمُخْتَصَرِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يُسَمِّيهَا الْفَرْضِيُّونَ مُخْتَصَرَةَ زَيْدٍ.
وَالْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُلِّهَا عَلَى قَوْلِ زَيْدٍ الَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ وَقَدْ حَذَفْنَا الجواب على قول من سِوَاهُ كَرَاهَةَ الْإِطَالَةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مَسْأَلَةٌ:
قَالَ الشافعي رحمه الله تعالى: " وَأَكْثَرُ مَا تَعُولُ بِهِ الْفَرِيضَةُ ثُلُثَاهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ مَقْصُورٌ عَلَى فِقْهِ الْفَرَائِضِ دُونَ الْعَمَلِ، غَيْرَ أَنَّنَا لَا نُحِبُّ أَنْ نُخْلِهِ مِنْ فُصُولٍ تَشْتَمِلُ عَلَى أُصُولِ الْحِسَابِ وَطَرِيقِ الْعَمَلِ لِيَكُونَ الْكِتَابُ كَافِيًا، وَلِمَا قَصَدْنَا حَاوِيًا.
فَأَوَّلُ الْفُصُولِ أُصُولُ الْمَسَائِلِ: قد ذَكَرْنَا جَمْعًا وَتَفْصِيلًا أَنَّ الْفُرُوضَ سِتَّةٌ، النِّصْفُ، وَالرُّبُعُ، وَالثُّمُنُ، وَالثُّلُثَانِ، وَالثُّلُثُ، وَالسُّدُسُ، وَمَخْرَجُ حِسَابِهَا مِنْ سَبْعَةِ أُصُولٍ، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لَا تَعُولُ، وَثَلَاثَةٌ تَعُولُ، فَالْأَرْبَعَةُ الَّتِي لَا تَعُولُ مَا أَصْلُهُ مِنِ اثْنَيْنِ، وَمِنْ ثَلَاثَةٍ، وَمِنْ أَرْبَعَةٍ، وَمِنْ ثَمَانِيَةٍ، فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ أَوْ نِصْفَانِ فَأَصِلُهَا مِنِ اثْنَيْنِ وَلَا تَعُولُ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرِثَ فيها عصبة إلا في فريضة واحدة وهي زَوْجٌ وَأُخْتٌ، وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُلُثٌ أو ثلثان أقرهما فَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَا تَعُولُ، لِأَنَّهُ لَا بد أن ترث فيها عصبة الأخ فَرِيضَة وَاحِدَة وَهِيَ أُخْتَانِ لِأَبٍ وَأُخْتَانِ لِأُمٍّ وإذا كان في المسألة ربع أو نصف وربع فَأَصْلُهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَلَا تَعُولُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرِثَ فِيهَا عَصَبَةٌ وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمُنٌ أَوْ كَانَ مَعَ الثُّمُنِ نِصْفٌ فَأَصْلُهَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَلَا تَعُولُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرِثَ فِيهَا عَصَبَةٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أُصُولٍ لَا تَعُولُ.
وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَعُولُ فَمَا أَصْلُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَمِنِ اثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ سُدُسٌ أَوْ كَانَ مَعَ السُّدُسِ ثُلُثٌ أَوْ نِصْفٌ فَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إِلَى سَبْعَةٍ وَإِلَى ثَمَانِيَةٍ وَإِلَى تِسْعَةٍ وَإِلَى عَشَرَةٍ وَهُوَ أَكْثَرُ الْعَوْلِ وَلَهُ أَرَادَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ وَأَكْثَرُ مَا تَعُولُ بِهِ