الحاوي الكبير (صفحة 3442)

وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ " فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهِ عَلَى أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: إنَّهُ قَالَ ذَلِكَ حَثًّا لِجَمَاعَتِهِمْ عَلَى مُنَاقَشَتِهِ وَالرَّغْبَةِ فِيهِ كَرَغْبَتِهِ؛ لِأَنَّ زَيْدًا كان منقطعا إلى الْفَرَائِضِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ قَالَ لَهُ ذَلِكَ تَشْرِيفًا وَإِنْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِيهِ كَمَا قَالَ أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ، وَأَعْرَفُكُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ، وَأَصْدَقُكُمْ لَهْجَةً أَبُو ذَرٍّ، وَأَقْضَاكُمْ عَلِيٌّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ أَعْرَفَ النَّاسِ هُوَ أَعْرَفُهُمْ بِالْفَرَائِضِ وَبِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَضَاءِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كان أفرضهم زيد، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِ جَمَاعَتِهِمْ لَمَا اسْتَجَازَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُخَالَفَتَهُ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ أَرَادَ بذلك أنه أشد منهم عِنَايَةً بِهِ، وَحِرْصًا عَلَيْهِ، وَسُؤَالًا عَنْهُ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَصَحَّهُمْ حِسَابًا، وَأَسْرَعَهُمْ جَوَابًا، وَلِأَجْلِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ هَذِهِ المعاني أَخَذَ الشَّافِعِيُّ فِي الْفَرَائِضِ بِقَوْلِ زَيْدٍ.

فصل:

فصل:

فَصْلٌ: إذا وضح مَا ذَكَرْنَا فَالْمِيرَاثُ مُسْتَحَقٌّ بِنَسَبٍ وَسَبَبٍ، فَالنَّسَبُ الأبوة والبنوة وما تفرع عليهما، ولسبب نِكَاح وَوَلَاء.

وَالْوَارِثُونَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ: الِابْنُ وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ، وَالْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ عَلَا، وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ، وَالْعَمُّ وَابْنُ الْعَمِّ، وَالزَّوْجُ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ، وَمَنْ لَا يَسْقُطُ مِنْهُمْ بحال ثلاثة: الابن والأب والزوج.

والوارثات مِنَ النِّسَاءِ سَبْعٌ: الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَتْ، وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَإِنْ عَلَتْ، وَالْأُخْتُ وَالزَّوْجَةُ وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ، وَمَنْ لَا يَسْقُطُ مِنْهُنَّ بِحَالٍ ثلاث: الْأُمُّ وَالْبِنْتُ وَالزَّوْجَةُ.

وَأَمَّا مَنْ لَا يَرِثُ بِحَالٍ فَسَبْعَةٌ: الْعَبْدُ، وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُكَاتَبُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَقَاتِلُ الْعَمْدِ، وَالْمُرْتَدُّ، وَأَهْلُ مِلَّتَيْنِ وَسَنَذْكُرُ فِي نظم الكتاب ما يتعلق من خلاف وحكم.

فَصْلٌ:

وَالْوَرَثَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: مَنْ يَأْخُذُ بِالتَّعْصِيبِ وَحْدَهُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ فَرْضٌ وَلَا يَتَقَدَّرُ لَهُمْ سَهْمٌ، وَهُمُ الْبَنُونَ وَبَنُوهُمْ، وَالْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ، وَالْأَعْمَامُ وَبَنُوهُمْ، فَإِنِ انْفَرَدُوا بِالتَّرِكَةِ أخذوا جميعا، وَإِنْ شَارَكَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَخَذُوا مَا بَقِيَ بَعْدَهُ، وَلَا تُعَوَّلُ فَرِيضَةٌ يَرِثُونَ فِيهَا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: مَنْ يَأْخُذُ بِالْفَرْضِ وَحْدَهُ وَهُمْ خَمْسَةٌ: الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَنْ يَأْخُذُ بِالْفَرْضِ تَارَةً وَبِالتَّعْصِيبِ أُخْرَى وَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: بَنَاتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015