وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ رَقَبَةُ الْعَبْدِ تَضِيقُ عَنِ الزِّيَادَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: تَكُونُ هَدَرًا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فَإِنْ فَدَاهُ السَّيِّدُ وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَرْشُهَا بِالرِّقِّ أَقَلَّ مِنْ أَرْشِهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي اسْتِرْجَاعِهَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَسْتَرْجِعُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُهُ فِيهِ مَجْهُولَ الْأَصْلِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهَا وَلَا يَسْتَرْجِعُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُهُ فِيهِ حُرًّا فِي الظَّاهِرِ.
فَأَمَّا النَّفَقَةُ الَّتِي أَنْفَقَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَمْ تَسْتَرْجِعْ مِنَ السَّيِّدِ لِأَنَّهَا دُفِعَتْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَحِقًّا فِيهِ وَإِنْ كَانَتْ قَرْضًا اقْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ عَدَدٍ وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ غُرْمُهَا وَرَدَّهَا عَلَيْهِمْ لِوُجُوبِهَا بِحَقِّ الْمِلْكِ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ الله تعالى: " وَلَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَمْ أَجِدْ لَهُ حَتَى أسأله فإن قال أنا حر حددت ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي لَقِيطٍ قَذَفَهُ قَاذِفٌ بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَ اللَّقِيطُ صَغِيرًا فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا لَمْ يَعْجَلْ إِلَى حَدِّ الْقَاذِفِ حَتَّى يَسْأَلَ اللَّقِيطَ الْمَقْذُوفَ لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جَنْبُ الْمُؤْمِنِ حِمًى " فَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَلَمْ يَدَّعِ الْحُرِّيَّةَ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ لِأَنَّ قَاذِفَ الْعَبْدِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فَإِنِ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَيْهَا الْقَاذِفُ حُدَّ لَهُ حَدًّا كَامِلًا وَإِنْ كَذَّبَهُ وَادَّعَى رِقَّهُ فَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُ فِيهِ اللَّقِيطَ مَجْهُولَ الْأَصْلِ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْقَاذِفِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي نَجْعَلُ اللَّقِيطُ فِيهِ حُرًّا فِي الظَّاهِرِ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ اللَّقِيطِ وَيُحَدُّ قَاذِفُهُ كَمَا يَقْتُلُ هَذَا الْقَوْلُ قَاتِلَهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ قَاذِفِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قُتِلَ قَاتِلُهُ وَفَرَّقَ قَائِلُ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْقَذْفِ بِأَنَّ الْمَقْذُوفَ حَيٌّ يُمْكِنُهُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْهَا ضَعُفَ حَالُهُ وَالْمَقْتُولُ لَا يُقْدَرُ عَلَى إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ بَعْدَ قَتْلِهِ فَعَمِلَ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ حَالِهِ كَالدِّيَةِ؛ فَمَنْ قَالَ بِهَذَا اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْقَوَدِ إِذَا كَانَ فِي طَرَفٍ فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْقَذْفِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ اللَّقِيطِ فِيهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَاهُ مَجْرَى الْقَتْلِ فِي النَّفْسِ وَقَبِلَ قَوْلَهُ فِي حُرِّيَّتِهِ إِلْحَاقًا لَهُ بِالْقَتْلِ الذي هو من جنسه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " قاذفه وَإِنْ قَذَفَ حُرًّا حُدَّ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي لَقِيطٍ قَذَفَ حُرًّا بِالزِّنَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ