حَمَّامِكَ، وَقَالَ آخَرُونَ: مَنْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعُونَ دَارًا، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ مَنْ نَسَبُوا إِلَى سُكْنَى مَحَلَّتِكَ، وَسَوَاءٌ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا وَيُسَوِّي بَيْنَ أَغْنِيَائِهِمْ وَفُقَرَائِهِمْ وَجْهًا وَاحِدًا مَا لَمْ يُمَيِّزْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الشُّيُوعِ تَخْصِيصُ الْجَوَازِ بِالْفَقْرِ.
: وَلَوْ وقفها على قراء القرآن أعطي من قراءه كُلَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَافِظًا وَلَا يُعْطَى مَنْ قَرَأَ بَعْضَهُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ: مَنْ قَرَأَ قُرْآنًا فَيُعْطَى مِنْهُ مَنْ قَرَأَ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، وَهُوَ قَدْرُ مَا يُمْنَعُ مِنَ الْجُنُبِ وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى حُفَّاظِ الْقُرْآنِ لَمْ يُعْطَ مَنْ نَسِيَهُ بَعْدَ حِفْظِهِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى الْعُلَمَاءِ فَهُمْ عُلَمَاءُ الدِّينِ لِأَنَّهُمْ فِي الْعُرْفِ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ الْقُرَّاءِ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ مَا تَصَرَّفَ فِي مَعَانِيهِ لَا مَا كَانَ مَحْفُوظَ التِّلَاوَةِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ وَقَفَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمُ الْغُزَاةُ، وَلَوْ وَقَفَهَا فِي سَبِيلِ الثَّوَابِ فَهُمُ الْقَرَابَاتُ فَقِيرُهُمْ وَغَنِيُّهُمْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَدَقَتُكَ عَلَى ذِي رَحِمِكَ صدقةٌ وصلةٌ " وَلَوْ وَقَفَهَا فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ فَهُمْ سَهْمَانِ لِلصَّدَقَاتِ وَقِيلَ يَدْخُلُ فِيهِمُ الضَّيْفُ وَالسَّائِلُ وَالْمُعِيرُ وَفِي الْحَجِّ.
فَصْلٌ
: فَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَنَّهُ إِنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا بَاعَهَا أَوْ رَجَعَ فِيهَا أَوْ أَخَذَ غَلَّتَهَا فَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ، وَأَجَازَهُ مَالِكٌ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ " فَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَفَ وَكَتَبَ هَذَا مَا وَقَفَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَقَفَ عَيْنَ إِبَى ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَلِيَدْفَعَ اللَّهُ بِهَا عَنْ وَجْهِهِ حَرَّ جَهَنَّمَ عَلَى أَنَّهُ مَتَى احْتَاجَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْنُ إِلَى بَيْعِهَا بِدَيْنٍ أَوْ نِيَابَةٍ فَلَهُمَا بَيْعُ مَا رَأَيَاهُ مِنْهَا، فَاحْتَاجَ الْحَسَنُ إِلَى بَيْعِهَا لِدَيْنٍ ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ " لِيَدْفَعَ اللَّهُ بِهَا عَنْ وَجْهِهِ حَرَّ جَهَنَّمَ " فَامْتَنَعَ وَالدَّلَالَةُ عَلَى بُطْلَانِ الْوَقْفِ قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَبِّسِ الْأَصْلَ وَسَبِّلِ الثَّمَرَةَ وَلِأَنَّ الشُّرُوطَ الْمُنَافِيَةَ للعقود مبطلة لها إذا اقتربت بِهَا كَالشُّرُوطِ الْمُبْطِلَةِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يؤيد الْوَقْفَ وَلَا حَرَّمَهُ فَلَمْ يَصِحَّ كَالْقَدْرِ إِلَى وَقْتٍ بَلْ هَذَا أَفْسَدُ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ أَجْهَلُ، فَأَمَّا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنْ صَحَّ ما ذكر فيه فمحول عَلَى بَيْعِ مَا رَأَيَاهُ مِنْ غَلَّتِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَحَكَى ابْنُ سُرَيْجٍ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَجْهًا آخَرَ إِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْوَقْفَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ أَبَدًا.
فَصْلٌ
: فَإِذَا وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ مِنْهَا النِّصْفَ، وَلِعَمْرٍو مِنْهَا الثُّلُثَ كَانَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَيَرْجِعُ السُّدُسُ الْفَاضِلُ عَلَيْهِمَا بالرد فيكون لزيد ثلاثة أخماسها ولعمرو خمسيها وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ نِصْفَهَا وَلِعَمْرٍو ثُلُثَهَا وَلَمْ يَقُلْ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ إِنَّهَا عَلَيْهِمَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سُمِّيَ لَهُ وَكَانَ السُّدُسُ الْفَاضِلُ إِذَا صَحَّ الْوَقْفُ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا، وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ نِصْفَهَا وَلِعَمْرٍو ثُلُثَهَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ فَيَكُونُ لِزَيْدٍ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَلِعَمْرٍو سَهْمٌ فَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ عَلَى بَكْرٍ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى شَرْطِهِ فَكَانَتْ لِزَيْدٍ فَإِذَا مَاتَ فَلِعَمْرٍو فَإِذَا مَاتَ فَلِبَكْرٍ فَإِذَا مَاتَ فَلِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فَلَا حَقَّ فِيهَا لِبَكْرٍ وَكَانَتْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، لِأَنَّ بَكْرًا رُتِّبَ بَعْدَ عَمْرٍو، وَجُعِلَ لَهُ مَا كَانَ لِعَمْرٍو، وَعَمْرٌو بِمَوْتِهِ قَبْلَ زَيْدٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ شَيْئًا فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَمْلِكَ بَكْرٌ عَنْهُ شَيْئًا.