أَوْلَادِهِ وَكَانُوا مَوْجُودِينَ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ صَحَّ الْوَقْفُ إِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ وَبَطَلَ عَلَى أَوْلَادِهِ إِنْ كَانَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةٌ وَفِي بُطْلَانِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَوْلَانِ، ثُمَّ إِذَا كَانَ الْوَاقِفُ عَلَى أَوْلَادِهِ فِي الصِّحَّةِ فأمضياه دخل فيهم الذكور والإناث والخناثى؛ لأنه كُلَّهُمْ أَوْلَادُهُ؛ فَإِنْ فَضَّلَ الذُّكُورَ عَلَى الْإِنَاثِ أَوْ فَضَّلَ الْإِنَاثَ عَلَى الذُّكُورِ حُمِلُوا عَلَى تَفْضِيلِهِ وَهَكَذَا لَوْ فَضَّلَ الصِّغَارَ عَلَى الْكِبَارِ أَوِ الْكِبَارَ عَلَى الصِّغَارِ، وَإِنْ أَطْلَقَ سَوَّى بَيْنَهُمْ وَلَا يُفَضَّلُ ذَكَرٌ عَلَى أُنْثَى وَلَا صَغِيرٌ عَلَى كَبِيرٍ وَلَا غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ ولا شيء لأولاده أَوْلَادِهِ إِذَا كَانَ وَقْفُهُ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ.
وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ دَخَلَ فِيهِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَخَرَّجَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمْ وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَتَعَلَّقُ بِحَقَائِقِ الْأَسْمَاءِ دُونَ مَجَازِهَا وَحَقِيقَةُ اسْمِ الْوَلَدِ يَنْطَلِقُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ دُونَ وَلَدِ الْوَلَدِ.
: وَلَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَانَ ذَلِكَ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ مِنْ أَوْلَادِ صُلْبِهِ وَلِلْبَطْنِ الثَّانِي وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ يَشْتَرِكُ الْبَطْنُ الثَّانِي وَالْبَطْنُ الْأَوَّلُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَقُولَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَوْ يَقُولَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، وَلَا يَشْتَرِكُ الْبَطْنُ الثَّانِي وَالْبَطْنُ الْأَوَّلُ حَتَّى إِذَا انْقَرَضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ أَخَذَ الْبَطْنُ الثَّانِي حِينَئِذٍ فَإِذَا انْقَرَضَ الْبَطْنُ الثَّانِي فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْبَطْنِ الثَّالِثِ وَيَنْتَقِلُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ لِمَنْ يَأْتِي بَعْدَهُمْ مِنَ الْبُطُونِ وَلَا يَنْتَقِلُ إِلَى الْفُقَرَاءِ إِلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ، وَإِنْ سَفَلُوا فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي اسْتَحَقَّ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ مِنْ وَلَدِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ بَعْدَ الْبَطْنِ الثَّالِثِ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ثُمَّ يُشَارِكُ كُلُّ بَطْنٍ لِمَنْ بَعْدَهُ إِلَّا أَنْ يُرَتِّبَ فَيَكُونُ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَلَوْ قَالَ: عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَبَدًا مَا بَقُوا وَتَنَاسَلُوا اسْتَحَقَّهُ كُلُّ بَطْنٍ يَحْدُثُ مِنْ وَلَدِهِ، فَإِنْ رَتَّبَ كَانَ عَلَى تَرْتِيبِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ شَارَكَ الْبَطْنُ الْأَعْلَى الْبَطْنَ الْأَسْفَلَ وَلَا حَقَّ لِلْفُقَرَاءِ فِيهِ مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ فَإِذَا انْقَرَضَ جَمِيعُهُمْ صَارَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ.
فَصْلٌ
: وَإِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ دَخَلَ فِيهِمْ وَلَدُ الْبَنِينَ مَعَ الْبَنَاتِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَدْخُلُ فِيهِمْ أَوْلَادُ الْبَنِينَ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لَا يُنْسَبُونَ إِلَيْهِ فَلَمْ يَكُونُوا مِنْ وَلَدِهِ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
(بَنُونَا بنوا أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا ... بَنُوهُنَّ أَبْنَاءُ الرِّجَالِ الْأَبَاعِدِ)
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ هُمْ خَيْرُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ، هُوَ أَنَّ الْبَنَاتَ لَمَّا كُنَّ مِنْ أَوْلَادِهِ كَانَ أَوْلَادُهُنَّ أَوْلَادَ أَوْلَادِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَسَنِ إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ فَسَمَّاهُ ابْنًا.
فَصْلٌ
: فَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى نَسْلِي، أَوْ قَالَ عَلَى عَقِبِي، أَوْ عَلَى ذُرِّيَّتِي، دَخَلَ فِيهِمْ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَإِنْ بَعُدُوا، لِأَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ وَذُرِّيَّتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: