الحاوي الكبير (صفحة 3271)

مُخْتَصَرٌ مِنَ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ وَالشَّرِكَةِ فِي الزَّرْعِ وَمَا دَخَلَ فِيهِ من كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ومسائل سمعتها منه لفظاً

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ كُنَّا نُخَابِرُ وَلَا نَرَى بِذَلِكَ بِأَسًا حَتَى أَخْبَرَنَا رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ فَتَرَكْنَاهَا لِقَوْلِ رَافِعٍ (قَالَ الشافعي) رحمه الله وَالْمُخَابَرَةُ اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَهْيِهِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ عَلَى أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَا عَلَى الرُّبُعِ وَلَا عَلَى جزءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ لِأَنَّهُ مجهولٌ وَلَا يَجُوزُ الْكِرَاءُ إِلَّا مَعْلُومًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ، الْمُخَابَرَةُ هِيَ الْمُزَارِعَةُ وَهِيَ مَا وَصَفَهَا الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا اسْتِكْرَاءُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِالْمُخَابَرَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ قُتَيْبَةَ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ مُعَامَلَةِ خَيْبَرَ حِينَ أَقَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ خَابِرُوهُمْ أَيْ عَامِلُوهُمْ عَلَى خَيْبَرَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْخُبْرَةِ وَهِيَ النَّصِيبُ. قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ:

(إِذَا مَا جَعَلْتِ الشَّاةَ لِلْقَوْمِ خُبْرَةً ... فَشَأْنُكِ أَنِّي ذَاهِبٌ لِشُؤُونِ)

والخبرة: أن يشتري الشاة جماعة قيقتسمونها.

وَإِذَا كَانَتِ الْمُخَابَرَةُ هِيَ اسْتِكْرَاءَ الْأَرْضِ لِزِرَاعَتِهَا بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ، ضَرْبٌ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى فَسَادِهِ، وَضَرْبٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ.

فَأَمَّا الضَّرْبُ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَى فَسَادِهِ، فَهُوَ أَنْ تَكُونَ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ مُفْرِدَةً عَنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَدْ زَارَعْتُكَ عَلَى هَذِهِ الأرض على أن ما زرعت من هرن كان لي وما زرعت من أفل كان لك، أو على مَا نَبَتَ مِنَ الْمَاذِيَانَاتِ كَانَ لِي، وَمَا نَبَتَ عَلَى السَّوَاقِي وَالْجَدَاوِلِ كَانَ لَكَ، أَوْ عَلَى أَنَّ مَا سُقِيَ بِالسَّمَاءِ فَهُوَ لِي وَمَا سُقِيَ بِالرِّشَاءِ فَهُوَ لَكَ، فَهَذِهِ مُزَارِعَةٌ بَاطِلَةٌ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى فَسَادِهَا لِرِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِي وَمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ مِنْهَا فَنَهَانَا رَسُولُ اللِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015