أَحَدُهُمَا: تُذْبَحُ الْبَهِيمَةُ وَلَا تُكْسَرُ الْقِدْرُ.
وَالثَّانِي: تُكْسَرُ الْقِدْرُ وَيَضْمَنُ الْكَسْرَ.
وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَعَدِّيًا فَالتَّخْلِيصُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِمَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَدِّي كَالْمُتَصَادِمَيْنِ. فَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ كُسِرَتِ الْقِدْرُ وَضَمِنَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ نِصْفَ الْكَسْرِ وَكَانَ النِّصْفُ الْبَاقِي هَدَرًا. وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا كُسِرَتِ الْقِدْرُ وَضَمِنَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ كَسْرَ الْقِدْرِ لَا ضَمَانَ نِصْفِ كَسْرِهَا. وَإِنْ قِيلَ يَجُوزُ ذَبْحُهَا فَتَنَازَعَا فَقَالَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ تُكْسَرُ الْقِدْرِ لِأَضْمَنَ نِصْفَ كَسْرِهَا وَقَالَ صَاحِبُ الْقِدْرِ بَلْ تُذْبَحُ الْبَهِيمَةُ لِأَضْمَنَ نِصْفَ النَّقْصِ فِي ذَبْحِهَا نُظِرَ الْبَادِئُ مِنْهُمَا بِطَلَبِ التَّخْلِيصِ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِي جَنَبَتِهِ فَإِنْ بَدَأَ بِهِ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ أُجْبِرَ عَلَى ذَبْحِهَا وَرَجَعَ نِصْفُ نَقْصِهَا، وَإِنْ بَدَأَ بِهِ صَاحِبُ الْقِدْرِ أُجْبِرَ عَلَى كَسْرِهَا وَرَجَعَ بِنِصْفِ نَقْصِهَا فَإِنْ كَانَا مُمْسِكَيْنِ عَنِ النِّزَاعِ حَتَّى تَطَاوَلَ بِهِمَا الزَّمَانُ أُجْبِرَ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ عَلَيْهِ خَلَاصَ بَهِيمَتِهِ لِأَنَّهَا نَفْسٌ يَحْرُمُ تَعْدِيَتُهَا وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْقِدْرِ خَلَاصُ قِدْرِهِ إِلَّا إِذَا شَاءَ. وَإِنْ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ لَا يُوصَلُ إِلَى مَنْحَرِهَا لِدُخُولِهِ فِي الْقِدْرِ فَلَا يَكُونُ عَقْرُهَا ذَكَاةً لَهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَصِلُ إِلَى مَنْحَرِهَا بِكَسْرِ الْقِدْرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ كَسْرُ الْقِدْرِ لِأَنَّ عَقْرَ الْبَهِيمَةِ لِغَيْرِ الذَّكَاةِ حَرَامٌ. ثُمَّ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْبَهِيمَةِ نِصْفَ الْكَسْرِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ في فصيل دخول دَارًا فَكَبِرَ فِيهَا حَتَّى لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِهَا إِلَّا بِهَدْمِهِ أَوْ أُتْرُجَّةٍ مِنْ شَجَرَةٍ دَخَلَتْ فِي إِنَاءٍ كَبَرَتْ فِيهِ فلم تخرج إلا بكسره.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ غَصَبَ طَعَامًا فَأَطْعَمَهُ مَنْ أَكَلَهُ ثُمَّ اسْتُحِقَّ كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ الْغَاصِبِ بِهِ فَإِنْ غَرِمَهُ فَلَا شَيْءَ لِلْوَاهِبِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ غَرِمَهُ فَقَدْ قِيلَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَاهِبِ وَقِيلَ لا يرجع به (قال المزني) رحمه الله أشبه بقوله إن هبة الغاصب لا معنى لها وقد أتلف الموهوب له ما ليس له ولا للواهب فعليه غرمه ولا يرجع به فإن غرمه الغاصب رجع به عليه هذا عندي أشبه بأصله ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَشْتَمِلُ عَلَى قِسْمَيْنِ يَتَضَمَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ فُصُولٍ: فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَسْطُورُ مِنْهَا فمصور في من غَصَبَ طَعَامًا فَأَطْعَمَهُ غَيْرَهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ فُصُولٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَيَأْكُلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي أَكْلِهِ مِنْ غَيْرِ هِبَتِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يُطْعِمَهُ عَبْدَ غَيْرِهِ أو بهيمته.