بِالْأَرْشِ وَلَا بِالنَّقْصِ فَإِذَا لَمْ يَنْقُصْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشٌ وَالْخِصَاءُ مُقَدَّرٌ بِالْقِيمَةِ إِذَا نَقَصَ لَزِمَهُ مَا تَقَدَّرَ مِنَ الْقِيمَةِ.
: وَإِذَا غَصَبَ عَبْدًا يُسَاوِي مِائَةً فَزَادَتِ السُّوقُ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ نِصْفِ الْأَلْفِ لِأَنَّ زِيَادَةَ السُّوقِ مَضْمُونَةٌ مَعَ فَوَاتِ الْعَيْنِ وَهُوَ مُفَوِّتٌ بِقَطْعِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ نِصْفَ الْعَيْنِ فَيَضْمَنُ النِّصْفَ بِزِيَادَةِ السُّوقِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ الْغَصْبِ أَلْفًا ثُمَّ نَقَصَتِ السُّوقُ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً ثُمَّ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ ضَمِنَ خَمْسَمِائَةٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ تَعْلِيلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْحُكْمِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْغَصْبَ مَضْمُونٌ بِأَكْثَرِ مَا كَانَتْ قِيمَتُهُ سُوقًا وَبَدَنًا مِنْ حِينِ الْغَصْبِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً سَقَطَ ضَمَانُ نَقْصِهَا فِي السُّوقِ وَلَزِمَ ضَمَانُ نَقْصِهَا فِي الْبَدَنِ وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً لَزِمَ ضَمَانُ نَقْصِهَا فِي السُّوقِ وَالْبَدَنِ وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ السُّوقِ وَالْبَدَنِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ نَقْصِ السُّوقِ وَبَقَاءِ الْعَيْنِ وَتَلَفِهَا.
وَقَالَ أبو حنيفة: الْمَغْصُوبُ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ وَفِيمَا مَضَى مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا ذَكَرَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ. فَأَمَّا الْمَقْبُوضُ عَنْ بَيْعٍ فَاسِدٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ. فَأَمَّا كَيْفِيَّةُ ضَمَانِهِ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ هَاهُنَا وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كضمان الغصب بأكثر ما كان قيمة لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ لِبَقَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ فَاقْتَضَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً مَعَ الْأَصْلِ كَالْغَصْبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ مَضْمُونَةً لِأَنَّ الْبَائِعَ أَبَاحَهَا بِغَيْرِ بَدَلٍ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَحَدِ تَأْوِيلَيْنِ. إِمَّا حَمْلُهُ عَلَى وُجُوبِ الضَّمَانِ دُونَ صِفَتِهِ. وَإِمَّا حَمْلُهُ عَلَى ضَمَانِ الْأُجْرَةِ.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحَّ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا لِأَنَّ تَعْلِيلَ الْوَجْهِ الثَّانِي بِإِبَاحَةِ الزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِ بَدَلٍ يَفْسَدُ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً بِغَيْرِ بَدَلٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهَا الْأُجْرَةَ فَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ دُونَ فَسَادِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ:
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فِي وَلَدِهَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْغَصْبِ كَالْحُكْمِ في بدنها ".