الْحُرَّ لَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ كَالْكَبِيرِ وَلِأَنَّ مَنْ لَمْ يُضْمَنْ بِالْمَوْتِ كَبِيرًا لَمْ يُضْمَنْ بِهِ صغيراً كالميت حتف أنفه.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ غَصَبَ جَارِيَةً تُسَاوِي مِائَةً فَزَادَتْ فِي يَدِهِ بتعليمٍ مِنْهُ أَوْ لسمنٍ واعتناءٍ مِنْ مَالِهِ حَتَى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفَا ثُمَّ نَقَصَتْ حتى صارت تساوي مائةً فإنه يَأْخُذُهَا وتسعمائةٍ مَعَهَا كَمَا تَكُونُ لَهُ لَوْ غَصَبَهُ إِيَّاهَا وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَا فَنَقَصَتْ تسعمائةٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى فَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَغْصِبَهَا زَائِدَةً فَتَنْقُصُ ثُمَّ تَزِيدُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَغْصِبَهَا نَاقِصَةً فَتَزِيدُ ثُمَّ تَنْقُصُ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَصُورَتُهَا فِيمَنْ غَصَبَ أَمَةً تُسَاوِي مِائَةً فَزَادَتْ بِبُرْءٍ أَوْ سِمَنٍ أَوْ تَعْلِيمِ قُرْآنٍ أَوْ خَطٍّ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي أَلْفًا ثُمَّ نَقَصَتْ وَعَادَتْ إِلَى حَالِهَا حِينَ غُصِبَتْ لِعَوْدِ الْمَرَضِ وَالْهُزَالِ وَنِسْيَانِ مَا عَلِمَتْ مِنَ الْخَطّ وَالْقُرْآنِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةً فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَيَرُدُّ مَعَهَا تِسْعَمِائَةٍ لِنَقْصِ الزِّيَادَةِ الْحَادِثَةِ فِي يَدِهِ.
وَقَالَ أبو حنيفة يَرُدُّهَا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِنَقْصِ مَا زَادَ فِي يَدِهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ رَدَّ الْمَغْصُوبَ كَمَا أَخَذَهُ فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ غُرْمٌ قِيَاسًا عَلَيْهِ لَوْ لَمْ تَحْدُثِ الزِّيَادَةُ فِي يَدِهِ. قَالَ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَدْ تَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ زِيَادَةُ السُّوقِ وَزِيَادَةُ الْعَيْنِ فَلَمَّا كَانَتْ زِيَادَةُ السُّوقِ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا نَقَصَتْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْعَيْنِ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْغَاصِبِ إِذَا نَقَصَتْ وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّهَا زِيَادَةٌ حَدَثَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَوَجَبَ أَلَّا يَضْمَنَهَا مَعَ بَقَاءِ الْمَغْصُوبِ قِيَاسًا عَلَى زِيَادَةِ السُّوقِ طَرْدًا وَعَلَى تَلَفِ الْمَغْصُوبِ عَكْسًا وَلِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ فِيمَا غُصِبَ بِالْيَدِ دُونَ مَا لَمْ يُغْصَبْ وَإِنْ صَارَتْ تَحْتَ الْيَدِ أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ شَاةً دَخَلَتْ دَارَ رَجُلٍ لَمْ يَضْمَنْهَا وَإِنْ صَارَتْ تَحْتَ يَدِهِ وَهَكَذَا لَوْ أَطَارَتِ الرِّيحُ ثُوبَا إِلَى دَارِهِ لِحُصُولِ ذَلِكَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ الْحَادِثَةُ فِي يَدِهِ.
وَدَلِيلُنَا هُوَ: أَنَّهُ نَقْصُ عَيْنٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى نَقْصِهَا عَنْ حَالِ غَصْبِهَا بِأَنْ يَغْصِبَهَا صَحِيحَةً فَتَمْرَضُ أَوْ سَمِينَةً فَتَهْزِلُ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْدَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ بِهَا ضَمِنَ نَقْصَهَا. كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَبِعْهَا وَيُحَرَّرُ مِنِ اعْتِلَالِهِ قِيَاسَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ ضُمِنَتْ بِالْغَصْبِ ضُمِنَ مَا تَلِفَ مِنْ زِيَادَتِهَا فِي الْغَصْبِ قِيَاسًا عَلَى تَلَفِهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي.
وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ زِيَادَةٍ ضَمِنَهَا الْغَاصِبُ لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهَا وَإِنْ تَلِفَتْ فِي