الحاوي الكبير (صفحة 2954)

كتاب الغصب

مسألة

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " فَإِذَا شَقَّ رجلٌ لرجلٍ ثَوْبًا شَقًّا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا يَأْخُذُ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ طُولًا وَعَرْضَا أَوْ كَسَرَ لَهُ شَيْئَا كَسْرًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ رَضَّضَهُ أَوْ جَنَى لَهُ عَلَى مملوكٍ فَأَعْمَاهُ أَوْ شَجَّهُ مُوَضِّحَةً فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَيُقَوَّمُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ وَالْحَيَوَانُ غَيْرَ الرَّقِيقِ صَحِيحًا وَمَكْسُورًا أَوْ صَحِيحًا وَمَجْرُوحًا قَدْ بَرِئَ مِنْ جُرْحِهِ ثُمَّ يُعْطَى مَالِكُ ذَلِكَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَيَكُونُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الجناية لصاحبه نفعه أو لم ينفعه فأما ما جنى عليه من العبد فيقوم صحيحاً قبل الجناية ثم ينظر إلى الجناية فيعطى أرشها من قيمة العبد صحيحاً كما يعطى الحر من أرش الجناية ثم ينظر إلى الجناية فيعطي أرشها من قيمة العبد صحيحاً كما يعطي الحر من أرش الجناية من دينه بالغاً ذلك ما بلغ ولو كانت قيماً كما يأخذ الحر دياتٍ (قال الشافعي) وكيف غلط من زعم أنه إن جنى على عبدي فلم يفسده أخذته وقيمة ما نقصه وإن زاد الجاني معصية الله تعالى فأفسده سقط حقي إلا أن أسلمه يملكه الجاني فيسقط حقي بالفساد حين عظم ويثبت حين صغر ويملك على حين عصى فأفسد فلم يملك بعضاً ببعض ما أفسد وهذا القول خلافٌ لأصل حكم الله تعالى بين المسلمين في أن المالكين على ملكهم لا يملك عليهم إلا برضاهم وخلاف المعقول والقياس ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِ الْغَصْبِ وَحَظْرِ الْأَمْوَالِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) {النحل 90) .

وَالْبَغْيُ وَالْغَصْبُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ. وَقَالَ تَعَالَى: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) {النساء: 29) وَالْغَصْبُ مِنَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارَاً) {النساء: 10) وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) {الشورى: 42) .

وَالْغَصْبُ مِنْ جُمْلَةِ الظُّلْمِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ غَيْرَ مَوْضِعِهِ. وَلِذَلِكَ قِيلَ أَرْضٌ مَظْلُومَةٌ، وَفِيهَا تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَجَاوَزَهَا الْمَطَرُ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَأْتِيَهَا مِنْ غَيْرِ أَوَانِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015