وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ يَضْمَنُ أَكْثَرَ قِيمَتِهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ إِلَى حِينِ التَّلَفِ كَالْغَصْبِ وَتَصِيرُ الْأَجْزَاءُ تَبَعًا لِلْجُمْلَةِ إِنْ سَقَطَ ضَمَانُهَا بِالرَّدِّ سَقَطَ غُرْمُ الْأَجْزَاءِ وَإِنْ وَجَبَ ضَمَانُهَا بِالتَّلَفِ وَجَبَ غُرْمُ الْأَجْزَاءِ تَبَعًا. وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَارِيَةِ مثل ففي ما يضمنها به وجهان: بناءاً على صفة ضمان مالا مِثْلَ لَهُ: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا بِالْمِثْلِ إِذَا جُعِلَ ضَمَانُهَا فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ كَالْغَصْبِ، وَالثَّانِي يَضْمَنُهَا بِالْقِيمَةِ إِذَا جُعِلَ ضَمَانُهَا وَقْتَ التَّلَفِ. فَأَمَّا الْعَارِيَةُ إِذَا حَدَثَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَفِي وجوب ضمانه عليه وجهان: أحدهما: عليه ضمانها لأنه وَلَدَ الْمَضْمُونَةِ مَضْمُونٌ كَالْمَغْصُوبَةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِيَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَى الضَّمَانِ فِي الْأُمِّ مَعْدُومٌ فِي الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ لِأَنَّ وَلَدَ الْعَارِيَةِ لَا يَكُونُ مُعَارًا وَوَلَدُ الْمَغْصُوبَةِ يَكُونُ مَغْصُوبًا. فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ إِنَّ الْعَارِيَةَ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إِلَّا بِالتَّعَدِّي فَلَيْسَ بِقَوْلٍ ثَانٍ فِي سُقُوطِ ضَمَانِهَا كَمَا وَهِمَ فِيهِ الرَّبِيعُ وهو محمول على ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إِمَّا عَلَى سُقُوطِ ضَمَانِ الْأُجْرَةِ أَوْ عَلَى ضَمَانِ الْأَجْزَاءِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ مَذْهَبِ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحْرِمِ حكاية عن مذهب غيره وفرع عليه وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ مَذْهَبًا لِنَفْسِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْأَلَةٌ: فِي الْحُكْمِ إِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الدَّابَّةِ والراكب في كيفية الإعارة
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ أَكْرَيْتُكَهَا إِلَى مَوْضِعِ كذا وكذا وقال الراكب بل عاريةٌ فالقول قَوْلُ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَوْ قَالَ أَعَرْتَنِيهَا وَقَالَ رَبُّهَا غَصَبْتَنِيهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ (قال المزني) رحمه الله هَذَا عِنْدِي خِلَافُ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ مَنْ سَكَنَ دَارَ رجلٍ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى سِلْعَتِهِ فَأَتْلَفَهَا فَلَهُ قِيمَةُ السُّكْنَى وَقَوْلُهُ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئَا ضَمِنَ وَمَنِ ادَّعَى الْبَرَاءَةَ لَمْ يَبْرَأْ فهذا مقر بأخذ سكنى وركوب دابةٍ ومدعٍ البراءة فعليه البينة وعلى المنكر رب الدابة والدار اليمين ويأخذ القيمة ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَلَامَ يَشْتَمِلُ فِيهَا عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ: فَالْفَصْلُ الْأَوَّلُ هُوَ أَوَّلُ مَسْطُورٍ مِنْهَا صُورَتُهُ فِي رَجُلٍ رَكِبَ دَابَّةَ غَيْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ أجرتُكهَا فَلِيَ الْأُجْرَةُ وَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتَنِيهَا فَلَيْسَ لَكَ أُجْرَةٌ فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْعَارِيَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاكِبِ دُونَ الْمَالِكِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ إِذَا اخْتَلَفَ رَبُّ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا فَقَالَ رَبُّهَا أَجَّرْتُكَهَا وَقَالَ الزَّارِعُ أَعَرْتَنِيهَا: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا لِاخْتِلَافِ هَذَا الْجَوَابِ فَكَانَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجُمْهُورُهُمْ يَنْقُلُونَ جَوَابَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى وَيُخْرِجُونَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ عَلَى مَا