ضَامِنٌ لِلزِّيَادَةِ فِي مَالِهِ. وَعَلَيْهِ غُرْمُهَا لِلْبَائِعِ لأنه يصير لمجاوزته القدر المعين مُتَطَوِّعًا بِهَا وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ الَّذِي لَزِمَ بِالْعَقْدِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَبَعَّضَ حُكْمُهُ. وَلَوْ جَازَ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِقَدْرِ الْمُغَابَنَةِ فِي الشِّرَاءِ مَضْمُونَةً عَلَى الْوَكِيلِ مَعَ صِحَّةِ الشِّرَاءِ لِلْمُوَكِّلِ لَكَانَ النُّقْصَانُ بِقَدْرِ الْمُغَابَنَةِ فَيَ الْبَيْعِ مَضْمُونًا عَلَى الْوَكِيلِ مَعَ لُزُومِ الْبَيْعِ لِلْمُوَكِّلِ. وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَرَ بِهِ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي الْبَيْعِ. فَبَطَلَ المذهب إليه في الشراء.
فَإِنِ اشْتَرَاهُ بالمائة دينار صح ولزم الموكل. وإن اشتراه بمائة درهم لم يلزم الموكل وإن كانت الدراهم أقل من قيمته لأن عدوله عن جنس الثمن كعدوله عن عين العبد.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ لَا يعين العبد ولا يعين ثمنه كقوله اشتر لِي عَبْدًا فَإِنْ وَصَفَهُ صِفَةً يَتَمَيَّزُ بِهَا مُرَادُهُ مِنَ الْعَبِيدِ صَحَّ. وَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ فِي شِرَائِهِ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ أَجَازَ الْوَكَالَةَ فِي شِرَاءِ أَيِّ عَبْدٍ كَانَ. وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَإِذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَمَا دُونَ صَحَّ وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ. وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِقَدْرٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَالشِّرَاءُ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمَالِ بِوِفَاقِ أَبِي الْعَبَّاسِ هَاهُنَا. وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِيمَا ارْتَكَبَهُ هُنَاكَ.
فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ عَشَرَةِ أَعْبُدٍ جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ صَفْقَةً وَتَفَارِيقَ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَيَسَّرُ لَهُ فَإِنْ قَالَ اشْتَرِهِمْ صَفْقَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُمْ تَفَارِيقَ. فَلَوْ كَانُوا بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَاشْتَرَاهُمُ الْوَكِيلُ مِنْهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً. فَإِنْ كَانَ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزًا عَنْ صَاحِبِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسَةٌ مِنَ الْعَبِيدِ بِكَمَالِهِمْ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ، لَمْ يَلْزَمِ الْمُوَكِّلَ هَذَا الْعَقْدُ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ وَهُوَ إِنَّمَا أَمَرَ بِصَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ.
ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ سَمَّى فِي الْعَقْدِ لِكُلِّ خَمْسَةٍ ثَمَنًا لَزِمَ الْوَكِيلَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمَالِ. وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ خَمْسَةٍ مِنْهُمْ ثَمَنًا وَاحِدًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِيهِ قَوْلًا: أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلُ مِنَ اخْتِلَافِ قوليه في من تَزَوَّجَ أَرْبَعًا عَلَى صَدَاقٍ بِأَلْفِ مُبْهَمَةٍ بَيْنَهُنَّ. وَلَا يَصِحُّ هَذَا التَّخْرِيجُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبُيُوعِ.
وَإِنْ كَانَ الْعَشَرَةُ كُلُّهُمْ شَرِكَةً بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَفِي لُزُومِ هَذَا الشِّرَاءِ لِلْمُوَكِّلِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَازِمٌ لِحُصُولِ جَمِيعِهِمْ بِالْعَقْدِ الْوَاحِدِ.
وَالثَّانِي: غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ، وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِ الْمَالِ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ لِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا كَانَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ عَاقِدَانِ جَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ العقدين.