وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعُرْفَ الْمَعْهُودَ يَقْتَضِيهِ. وَأَمَّا قِيَاسُهُ فِي الْغَبْنِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ فَالْمَعْنَى فِيهِ جَوَازُهُ فِي الشِّرَاءِ وَالْغَبْنُ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الشِّرَاءِ فَكَذَا فِي الْبَيْعِ.
وَأَمَّا قِيَاسُهُ فِي الْأَجَلِ عَلَى خِيَارِ الثَّلَاثِ فَلِأَصْحَابِنَا فِي جَوَازِهِ لِلْوَكِيلِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ مِنَ الْوَكِيلِ فَعَلَى هَذَا سَقَطَ الدَّلِيلُ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ مِنْهُ وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ مُنْتَقَضٌ بِالْأَجَلِ فِي الثَّمَنِ ثُمَّ فِي الْمَعْنَى فِي خِيَارِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَمَّا مَلَكَ الْوَكِيلُ فِي الشِّرَاءِ مَلَكَهُ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ.
فَهَذَا حُكْمُ الْعَقْدِ مَعَ إِطْلَاقِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ وَمَا يَلْزَمُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي عَقْدِ الْوَكِيلِ.
وَأَمَّا حَالَةُ التَّقْيِيدِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ إِذْنُ الْمُوَكِّلِ فِي الْبَيْعِ مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ الَّذِي شَرَطَهُ الْمُوَكِّلُ فِي بَيْعِ وَكِيلِهِ مُبْطِلًا لِلْعَقْدِ كَالْأَجَلِ الْمَجْهُولِ وَكَالْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ وَكَالثَّمَنِ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى مِنَ الشُّرُوطِ الَّتِي يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَعَهَا. فَقَدْ صَارَ الْمُوَكِّلُ بِهَا آذِنًا لِوَكِيلٍ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ. فَإِنْ بَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ الْمُوَكِّلُ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا يَصِحُّ وَإِنْ رَضِيَ الْمَالِكُ بِفَسَادِهِ.
فَإِنْ أَقْبَضَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ إِقْبَاضٌ مَأْذُونٌ فِيهِ فَسَقَطَ الضَّمَانُ عَنْهُ لِلْإِذْنِ بِهِ.
وَإِنْ بَاعَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ بَيْعًا جَائِزًا لِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ لَهُ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا.
وَقَالَ أبو حنيفة: بَيْعُهُ جَائِزٌ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ الْبَيْعَ مَأْذُونٌ فِيهِ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ عَقْدُهُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ سَقَطَتْ مِنْ إِذْنِهِ وَصَارَ الْإِذْنُ مُجَرَّدًا عَنِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ.
وَالدَّلَالَةُ عن بُطْلَانِ بَيْعِهِ أَنَّ الْإِذْنَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَقْتَضِي زَوَالَ الْمِلْكِ فَإِذَا بَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا صَارَ مُزِيلًا لِمِلْكِهِ عَمَّا لَمْ يَأْذَنْ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ. فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً فَوَهَبَهَا أَوْ أَعَارَهُ عَارِيَةً فَبَاعَهَا.
(فَصْلٌ)
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ الَّذِي شَرَطَهُ الْمُوَكِّلُ فِي بَيْعِ وَكِيلِهِ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْبَيْعُ. فَعَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَا يَتَجَاوَزَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ بِالْمُجَاوَزَةِ مَوْجُودًا مَعَ زِيَادَةٍ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا سَنَشْرَحُهُ. وَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ مَانِعَةً مِنْ صِحَّتِهِ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالشَّرْطُ عَلَى ضربين: