الحاوي الكبير (صفحة 2800)

الْخَمْسِمِائَةِ لَازِمًا لِلضَّامِنِ، عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ: إن يَلْزَمُهُ ضَمَانُهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ ضَمَانَهَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ ضَمِنَهَا قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ لَعَبْدِ غَيْرِهِ: اشْتَرِ لِي نَفْسَكَ مِنْ سَيِّدِكَ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ لِأَمْرِهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الشِّرَاءُ جَائِزٌ وَيَصِيرُ الْعَبْدُ مِلْكًا لِلْآمِرِ. وَهَذَا قَوْلُ أبي حنيفة، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ فِي أَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ بِالْعَقْدِ لِلْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا لِلْوَكِيلِ لَعَتَقَ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَهُوَ لَا يُعْتِقُهُ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ هَذَا الشِّرَاءَ بَاطِلٌ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مَنْسُوبٌ إِلَى سيده فصار السيد مبايعا لنفسه.

(مسألة)

قال المزني رضي الله عنه: " وَلَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ وَلَا الْوَصِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ نَفْسِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قَدْ تَكُونُ فِي أَرْبَعَةِ أوجه: -

أحدهما: مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ وَهُوَ الْأَبُ وَالْجَدُّ عَلَى ابْنِهِ الطِّفْلِ.

وَالثَّانِي: مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ وَهُوَ لِلِحَاكِمْ أَوْ أَمِينِهِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ.

وَالثَّالِثُ: مِنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ وَصِيُّ الْأَبِ وَالْجَدِّ عَلَى الطِّفْلِ.

وَالرَّابِعُ: مِنْ جِهَةِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ الرَّشِيدِ.

فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ هَلْ يَجُوزُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَبِيعُوا لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَهُمْ بَيْعُهُ وَيَشْتَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَا لهم شراؤه على أربعة مذاهب: -

أحدهما: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِجَمِيعِهِمْ أَنْ يَبِيعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَا لَهُمْ بَيْعُهُ وَيَشْتَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ زفر بن الهذيل أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِجَمِيعِهِمْ أَنْ يَبِيعُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَا أَنْ يَشْتَرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ إِلَّا الْوَكِيلَ وَحْدَهُ.

وَالْمَذْهَبُ الرَّابِعُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِجَمِيعِهِمْ إِلَّا الْأَبَ وَحْدَهُ وَالْجَدُّ مِثْلُهُ.

وَاسْتَدَلَّ مَنْ ذَهَبَ إِلَى جَوَازِهِ لِجَمِيعِهِمْ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْبَيْعِ حُصُولُ الثَّمَنِ وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015