الحاوي الكبير (صفحة 2731)

وَبَطَلَ الضَّمَانُ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ قَالَ كَفَلْتُ لَكَ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إِنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ بَطَلَتِ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ مَعًا لِأَنَّهُ جَعَلَ الضَّمَانَ الْفَاسِدَ مَشْرُوطًا فِي الْكَفَالَةِ فَبَطَلَا جَمِيعًا وَلَكِنْ لَوْ قَالَ كَفَلْتُ لَكَ بِنَفْسِ فُلَانٍ وَضَمِنْتُ لَكَ مَا عليه وهو معلوم فبهذه كَفَالَةٌ صَحِيحَةٌ، وَضَمَانٌ صَحِيحٌ، وَبِالْعَكْسِ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنْ يَقُولَ قَدْ ضَمِنْتُ لَكَ عَنْ فُلَانٍ أَلْفًا فَإِنْ لَمْ أُؤَدِّهَا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ صَحَّ الضَّمَانُ وَبَطَلَتِ الْكَفَالَةُ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْتُ لَكَ عَنْهُ أَلْفًا عَلَى أَنَّنِي إِنْ لَمْ أُؤَدِّهَا فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ بَطَلَ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ)

فَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ لِرَجُلَيْنِ فَسَلَّمَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ وَبَرِئَ مِنْ حَقِّ مَنْ تَسَلَّمَهُ منه وكان الاتفاق على حق مُطَالَبَةِ الْكَفِيلِ بِهِ.

وَلَوْ كَفَلَ رَجُلَانِ بِرَجُلٍ مُجْتَمِعَيْنِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَكْفُولُ بِهِ مُطَالَبَةَ أَحَدِهِمَا بِالْمَكْفُولِ بِهِ وَكَانَ لَهُ مُطَالَبَتُهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا بَرِئَا مِنْهُ جَمِيعًا.

(فَصْلٌ)

وَلَكِنْ لَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ ثُمَّ كَفَلَ بِهِ ثَانٍ ثُمَّ كَفَلَ بِهِ ثَالِثٌ كَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكُفَلَاءِ عَلَى انْفِرَادٍ فَإِذَا سَلَّمَهُ أَحَدُهُمْ لَمْ يَبْرَأِ الْآخَرَانِ مِنْ كَفَالَتِهِ؟ بِخِلَافِ الضَّمَانِ إِذَا سَلَّمَ أَحَدُ الضُّمَنَاءِ الْمَالَ، لِأَنَّ أَدَاءَ أَحَدِهِمُ الْمَالَ يُبَرِّئُ الْمَضْمُونَ عَنْهُ مِنَ الْحَقِّ، فَبَرِئَ بَاقِي الضُّمَنَاءِ، وَتَسْلِيمُ أَحَدِ الْكُفَلَاءِ الْمَكْفُولَ بِهِ لَا يُبَرِّئُهُ مِنَ الْحَقِّ فَلَمْ يَبْرَأْ بَاقِي الْكُفَلَاءِ.

فَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ بِرَجُلٍ ثُمَّ كَفَلَ بِالْكَفِيلِ آخَرُ ثُمَّ كَفَلَ بِالْكَفِيلِ الثَّانِي كَفِيلٌ ثَالِثٌ جَازَ وَكَانَ لِلْمَكْفُولِ لَهُ مُطَالَبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَنْ تَكَفَّلَ بِهِ، فَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ به الأول برؤا جَمِيعًا، وَلَوْ مَاتَ الثَّانِي بَرِئَ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْكُفَلَاءِ، وَلَوْ مَاتَ الثَّالِثُ بَرِئَ مَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ مَنْ قَبْلَهُ كَمَا قُلْنَا فِي بَرَاءَةِ الضُّمَنَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(فَصْلٌ)

أَخْذُ السَّفَاتِجِ بِالْمَالِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِقَرْضٍ حَادِثٍ، فَأَمَّا الدَّيْنُ الثَّابِتُ إِذَا سَأَلَ صَاحِبُهُ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ بِهِ سُفْتَجَةً إِلَى بَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ فَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى كَتْبِ سُفْتَجَةٍ جَازَ.

وَأَمَّا الْقَرْضُ فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مَشْرُوطًا فِيهِ كَتْبُ السُّفْتَجَةِ، إِمَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقْرِضِ فَيَقُولُ هُوَ ذَا أَقْرَضْتُكَ لِتَكْتُبَ لِي بِهِ سُفْتَجَةً إِلَى بَلَدِ كَذَا أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمُقْتَرِضِ فَيَقُولُ: هُوَ ذَا أَقْتَرِضُ مِنْكَ لِأَكْتُبَ لَكَ فِي سُفْتَجَةٍ إِلَى بَلَدِ كَذَا فَهَذَا قَرْضٌ بَاطِلٌ لَا يَصِحُّ أَخْذُ السُّفْتَجَةِ بِهِ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015