الحاوي الكبير (صفحة 2614)

الرُّشْدِ مُنْطَلِقًا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَافِرًا يُفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ. وَلَا يَنْطَلِقُ اسْمُ الرُّشْدِ عَلَى الْمُسْلِمِ إِذَا كَانَ فَاسِقًا فَلَمْ يُفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ. كَمَا يَلِي الْكَافِرُ عَلَى مَالِ وَلَدِهِ وَلَا يَلِي الْفَاسِقُ عَلَى مَالِ وَلَدِهِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالرُّشْدُ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ حَتَّى تَكُونَ الشَّهَادَةُ جَائِزَةً مَعَ إِصْلَاحِ الْمَالِ. فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي قَوْلِهِ حَتَّى تَكُونَ الشَّهَادَةُ جَائِزَةً مَا الَّذِي أَرَادَ بِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ أَنْ يَكُونَ بِوَصْفِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلَا يَرْتَكِبُ مَحْظُورًا وَلَا يَأْتِي قَبِيحًا وَلَا يُخِلُّ بِوَاجِبٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ بِوَصْفِ مَنْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالرُّشْدِ جَائِزَةً لِظُهُورِ أَفْعَالِهِ الْجَمِيلَةِ وَانْتِشَارِ سِدَادِهِ عِنْدَ أَكْفَائِهِ.

(مسألة)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنَّمَا يُعْرَفُ إِصْلَاحُ الْمَالِ بِأَنْ يُخْتَبَرَ الْيُتْمَانُ وَالِاخْتِبَارُ يَخْتَلِفُ بِقَدْرِ حَالِ الْمُخْتَبَرِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَبْتَذِلُ فَيُخَالِطُ النَّاسَ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ فَيَقْرُبُ اخْتِبَارُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَانُ عَنِ الْأَسْوَاقِ فَاخْتِبَارَهُ أَبْعَدُ فَيُخْتَبَرُ فِي نَفَقَتِهِ فَإِنْ أَحْسَنَ إِنْفَاقَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَشِرَاءَ مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ أَوْ يُدْفَع إِلَيْهِ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ فَإِذَا أَحْسَنَ تَدْبِيرَهُ وَتَوْفِيرَهُ وَلَمْ يُخْدَعْ عَنْهُ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَاخْتِبَارُ الْأَيْتَامِ يَشْتَمِلُ عَلَى فَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي زَمَانِهِ.

وَالثَّانِي: فِي صِفَتِهِ. فَأَمَّا زَمَانُ الِاخْتِبَارِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفُهُ وَتَصِحُّ فِيهِ عُقُودُهُ وَيَثْبُتُ لِقَوْلِهِ حُكْمٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُخْتَبَرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ لِيَصِلَ إِلَى قَبْضِ مَالِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَجْلِ الِاخْتِبَارِ.

كَمَا لَزِمَ تَعْلِيمُ الصَّبِيِّ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ قَبْلَ البلوغ حتىلا يَتَأَخَّرَ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ تَشَاغُلًا بِالتَّعْلِيمِ. فَمَنْ قَالَ بِهَذَا فَفِي كَيْفِيَّةِ اخْتِبَارِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْوَلِيَّ يُعْطِيهِ مَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مِنْ يَسِيرِ الْمَالِ. فَيَبِيعُ بِهِ وَيَشْتَرِي وَيَصِحُّ ذَلِكَ مِنْهُ لِمَوْضِعِ الضَّرُورَةِ إِلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015