أَنْ يَسْتَحِقَّ هَذِهِ الْمُطَالَبَةُ فِي الْمُدَايَنَاتِ لَجَازَ أَنْ يَسْتَحِقَّ فِي نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِذَلِكَ إِذَا سَافَرَ لِبُعْدِ عَوْدِهِ جَازَ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ إِذَا أَقَامَ خَوْفًا مِنْ هَرَبِهِ بَلْ يُقَالُ لَهُ: حَقُّكَ حَيْثُ وَضَعْتَهُ مِنَ الذِّمَمِ وَإِلَى الْوَقْتِ الَّذِي رَضِيتَهُ مِنَ الْأَجَلِ وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُكَ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ لِنَفْسِكَ بِاشْتِرَاطِ الْوَثِيقَةِ مِنَ الرَّهْنِ أَوِ الضَّمَانِ فِي وَقْتِ الْعَقْدِ فَتَأْمَنَ مَا اسْتُحْدِثَ خَوْفُهُ فَصِرْتَ بِتَرْكِ ذَلِكَ مُفَرِّطًا.
فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا نُظِرَ فِي سَفَرِهِ - فَإِنْ كَانَ لِتِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ فَإِنْ كَانَ سَفَرُ جِهَادٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَسْفَارِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ وَيُطَالِبَهُ بِالْوَثِيقَةِ، لِأَنَّ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ تَعْرِيضًا لِلشَّهَادَةِ فَخَالَفَ غَيْرَهُ مِنَ الْأَسْفَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.