الحاوي الكبير (صفحة 2595)

فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَقَدَّمُ بِالثَّمَنِ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَوَجَّهَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِذِمَّةِ الْمُفْلِسِ أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ ثَابِتًا فِيهَا إِلَّا أَنْ يتعجل مالا يصير حقه متعلقا بها أُجُور الْبَاعَةِ وَأَكْرِيَة الْخَانَاتِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ الَّذِي رَوَاهُ الرَّبِيعُ وَحَرْمَلَةُ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ فَسَاوَى الْغُرَمَاءَ فِيهِ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي مَحَلِّ الْحَقِّ وَلَيْسَ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ يُوجِبُ تَقْدِيمَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُفْلِسَ لَوْ غَصَبَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ ثُبُوتُ ذَلِكَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَخَالَفَ أُجُورَ الْبَاعَةِ وسائر المؤن التي هي مصلحة لماله لَا يَسْتَغْنِي الْمُفْلِسُ عَنْهَا. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ حَمَلَ اخْتِلَافَ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَجَعَلَ رِوَايَةَ الْمُزَنِيِّ فِي تَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغُرَمَاءِ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ وَرِوَايَةَ الرَّبِيعِ وَحَرْمَلَةَ فِي مُشَارَكَةِ الْمُشْتَرِي لِلْغُرَمَاءِ إِذَا كَانَ حُدُوثُ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ فَكِّ الحجر عنه فإذا أحدث له حجر ثَانِيًا كَانَ الْمُشْتَرِي وَجَمِيعُ الْغُرَمَاءِ أُسْوَةً فِيمَا بيده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015