قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَالِهِ كَانَ لَهُ بِحِصَّتِهِ وَيَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي بَقِيَّتِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ لِدُخُولِهِ فِي التَّقْسِيمِ الْمَاضِي فَإِذَا بَاعَهُ شَيْئَيْنِ يَتَقَسَّطُ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِصَاحِبِهِ كَعَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَاقِي مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِكُلِّ الْمَبِيعِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ لَهُ الرُّجُوعُ بِبَعْضِهِ إِذَا كَانَ الْبَاقِي مَعْدُومًا، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنٍ وَجَبَ تَقْدِيمُهُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِ جَمِيعِ الْعَيْنِ أَوْ بَعْضِهَا كَالرَّهْنِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْبَاقِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ غَلِطَ فَخَرَّجَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْبَائِعِ إِذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ عَلَى قَوْلَيْنِ - وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ مَا يُوَضِّحُ هَذَا الْغَلَطَ - فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَنِ وَقِسْطِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا وَقْتَ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ فِي أَقَلِّ الْحَالَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَوْ وَقْتِ الْقَبْضِ فَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قِسْطِ مَا تَلِفَ مِنَ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَالِكًا لِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ إِلَّا بِمَا اعْتَرَفَ بِهِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَتْ دَارًا فَبُنِيَتْ أَوْ أَرْضًا فَغُرِسَتْ خَيَّرْتُهُ بَيْنَ أَنْ يُعْطَى الْعِمَارَةَ وَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ أَوْ يَكُونَ لَهُ الْأَرْضُ وَالْعِمَارَةُ تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ أَنْ يُقْلِعُوا وَيَضْمَنُوا مَا نَقَصَ الْقَلْعُ فَيَكُونَ لَهُمُ (وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ) إِنْ لَمْ يَأْخُذِ الْعِمَارَةَ وَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يَقْلَعُوهَا لَمْ يَكُنْ له إلا الثمن يخاض به الغرماء (قال المزني) قلت أنا الأول عندي بقوله أشبه وأولى لأنه يجعل الثوب إذا صبغ لبائعه يكون به شريكا وكذلك الأرض تغرس لبائعها يكون بها شريكا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَجُلٍ بَاعَ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي بِنَاءً وَغَرَسَ فِيهَا غِرَاسًا ثُمَّ أَفْلَسَ وَالْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ قَائِمٌ فِي الْأَرْضِ فَلِلْمُفْلِسِ وَلِغُرَمَائِهِ حَالَانِ: حَالٌ يَتَّفِقُوا عَلَى قَلْعِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِأَرْضِهِ بَيْضَاءَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ بَعْدَ رُجُوعِ الْبَائِعِ بِأَرْضِهِ وَكَانَ لِقَلْعِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ نَقْصٌ قَدْ أَضَرَّ بِالْأَرْضِ فَإِنْ أَمْكَنَ إِزَالَةُ النَّقْصِ بِتَسْوِيَةٍ لِلْأَرْضِ وَتَعْدِيلِهَا فَعَلَيْهِمْ تَسْوِيَتُهَا وَإِزَالَةُ النَّقْصِ الدَّاخِلِ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِزَالَةُ النَّقْصِ بِتَسْوِيَتِهَا فَعَلَيْهِمْ غُرْمُ ما نقصت الأرض يرجع لكون البائع مُقَدَّمٌ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِاسْتِصْلَاحِ مَالِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَلْعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ قَبْلَ رُجُوعِ الْبَائِعِ بِأَرْضِهِ فَهَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسِ غُرْمُ نَقْصِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ - مِنَ اخْتِلَافِ