مَالِهِ حَتَّى أُبِّرَتِ الثَّمَرَةُ ثُمَّ اخْتَارَ عَيْنَ مَالِهِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنَّخْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ يَمْلِكُ عَيْنَ مَالِهِ بِحُدُوثِ الْفَلَسِ وَإِنَّمَا مَلَكَ بِحَجْرِ الْفَلَسِ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَيْنَ مَالِهِ بِالِاخْتِيَارِ فَإِذَا اخْتَارَ عَيْنَ مَالِهِ صَارَ حِينَئِذٍ مِلْكًا لَهُ بِالِاخْتِيَارِ فَوَجَبَ أَنْ يَعْتَبِرَ حَالَ الثَّمَرَةِ وَعِنْدَ تَمَلُّكِهِ بِالِاخْتِيَارِ لَا وَقْتَ الْحَجْرِ بِالْفَلَسِ وَالثَّمَرَةُ وَقْتَ تَمَلُّكِهِ بِالِاخْتِيَارِ مُؤَبَّرَةٌ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حَقٌّ والله أعلم.
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ فِي أَكْمَامٍ فَيَنْشَقُّ كَالْكُرْسُفِ وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِذَا انْشَقَّ فَمِثْلُ النَّخْلِ يُؤَبَّرُ وَإِذَا لَمْ يَنْشَقَّ فَمِثْلُ النَّخْلِ لَمْ يُؤَبَّرْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا أَيْضًا يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَحَرْمَلَةَ دُونَ الرَّبِيعِ. فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ شَجَرًا غَيْرَ مُثْمِرٍ فَفَلَسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَثْمَرَ الشَّجَرُ فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ فِي حُكْمِ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ لَمْ يُمْكِنْ لِلْبَائِعِ فِيهَا حَقٌّ إِذَا رَجَعَ بِالشَّجَرِ وَإِنْ كَانَتْ فِي حُكْمِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ كَالْكُرْسُفِ الَّذِي لَمْ يَتَشَقَّقْ فِي جَوْزِهِ وَالْوِرْدِ الَّذِي لَمْ يَنْعَقِدْ فِي شَجَرِهِ وَمَا جَرَى ذَلِكَ مِمَّا اسْتَوْفَيْنَا تَفْصِيلَهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ كَالثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ تُؤَبَّرْ:
أَحَدُهُمَا: لِلْبَائِعِ إِذَا رَجَعَ بِعَيْنِ مَالِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُزَنِيِّ وَحَرْمَلَةَ.
وَالثَّانِي: لِلْمُفْلِسِ تُقَسَّمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ الرَّبِيعِ.
(مَسْأَلَةٌ)
قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ اخْتَرْتُ عَيْنَ مَالِي قَبْلَ الْإِبَارِ وَأَنْكَرَ الْمُفْلِسُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْبَائِعِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْغُرَمَاءُ لَمْ أَجْعَلْ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ شَيْئًا لِأَنَّهُمْ أَقَرُّوا بِهِ لِلْبَائِعِ وَأَجْعَلُهُ لِلْغَرِيمِ سِوَى مَنْ صَدَّقَ الْبَائِعَ وَيُحَاصُّهُمْ فِيمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ من الغرماء عدلان فيجوز وإن صدقه المفلس وكذبه الغرماء فمن أجاز إقراره أجازه ومن لم يجزه لم يجزه وأحلف له الغرماء الذين يدفعونه ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا التَّفْرِيعُ إِنَّمَا يَجِيءُ عَلَى رِوَايَةِ الْمُزَنِيِّ وَحَرْمَلَةَ حَيْثُ جَعَلَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ مِنَ الثَّمَرَةِ فَإِذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الرُّجُوعَ بِعَيْنِ مَالِهِ قَبْلَ تَأْبِيرِ الثَّمَرَةِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ مِنْ سِتَّةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُصَدِّقُوهُ جَمِيعًا عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ النَّخْلَ قَبْلَ تَأْبِيرِ الثَّمَرَةِ فَتَكُونَ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ يَأْخُذُهَا مَعَ الْأَصْلِ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُكَذِّبُوهُ جَمِيعًا الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ وَعَلَى الْمُفْلِسِ