الحاوي الكبير (صفحة 2493)

الْآخَرِ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا قَدِ اسْتَوَيَا فِي الْيَدِ وَفُضِّلَ أَحَدُهُمَا بِالْإِقْرَارِ فَكَانَ الْحُكْمُ لَهُ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنْ يكون الرهن في يد أجنبي، فإنه يسأل عن يده، فإن كانت نابتة عَنِ الرَّاهِنِ فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ في يد الراهن، وإن كانت نابتة عَنْ أَحَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ كَانَ حُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ غَاصِبَةً لا ينوب بها عن أحد، فَالْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ، لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْيَدِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ أَصَحُّهُمَا عِنْدِي أَنْ يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ اجْتَمَعَ فِيهِ إِقْرَارُ الْمُرْتَهِنِ وَرَبِّ الرَّهْنِ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ الفصل إلى آخره.

وكان أَوَّلُ كَلَامِهِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ دُونَ صَاحِبِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: أَصَحُّهُمَا عِنْدِي أَنْ يُصَدَّقَ يَعْنِي الرَّاهِنَ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنَ الْحُقُوقِ اجْتَمَعَ فِيهِ إِقْرَارُ الْمُرْتَهِنِ وَرَبِّ الرَّهْنِ، ثُمَّ آخِرُ كَلَامِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْيَدِ دُونَ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ، فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِلْمُزَنِيِّ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إِنَّ الْمُزَنِيَّ قَالَ: أَصَحُّهُمَا عِنْدِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ صَرِيحُ أُصُولِهِ، وَالَّذِي أَرَاهُ عَلَى مَذْهَبِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي اخْتِيَارِهِ قَوْلَيْنِ ثُمَّ أَخَذَ بِنَصِّ اخْتِيَارِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015