الحاوي الكبير (صفحة 2491)

فِي يَدِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فَيَ الدَّعْوَى، وَسُقُوطِ دَعْوَيْهِمَا بِالْيَمِينِ، وَفِي الرَّهْنِ وَجْهٌ آخَرُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ يَمِينُ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَمْ تَكُنْ لِنَفْيِ الرَّهْنِ وَإِنَّمَا كَانَتْ لِنَفْيِ الْعِلْمِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْطُلَ بِهَا الرَّهْنُ، وَإِذَا لَمْ يَبْطُلِ الرَّهْنُ بِيَمِينِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ كَمَا لَوْ نَكَلَا عَنِ اليمين وجب ردها على المرتهنين ولها ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَنْكُلَا عَنْهَا، فَالرَّهْنُ حِينَئِذٍ مَفْسُوخٌ لِنُكُولِهِمَا، وَالْعَبْدُ فِي يَدِ مَالِكِهِ غير مرهون.

الحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا وَيَنْكُلَ الْآخَرُ، فَيُقْضَى لِلْعَبْدِ رَهْنًا فِي يَدِ الْحَالِفِ مِنْهَا دُونَ الناكل.

والحالة الثَّالِثَةُ: أَنْ يَحْلِفَا مَعًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّهْنَ مَفْسُوخٌ لِتَعَارُضِ بَيِّنَتِهِمَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رَهْنٌ بَيْنَهُمَا لِتَسَاوِيهِمَا، وَهَذَا حُكْمُ الرَّهْنِ إِذَا لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَأَمَّا إِذَا عُلِمَ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، قَالَ هُوَ فُلَانٌ دُونَ فُلَانٍ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ جَمِيعًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ.

فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَيَكُونُ رَهْنًا لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ، وَهَلْ عليه التمييز أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ.

وَالثَّانِي: عَلَيْهِ الْيَمِينُ زَجْرًا لَهُ لِيَنْكُلَ عَنْهَا فَتُرَدَّ عَلَى الْآخَرِ.

فَإِنْ قِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَحَلَفَ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ دُونَ الْآخَرِ، وَإِنْ قِيلَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَنَكَلَ عَنْهَا رُدَّتْ عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ، وَإِنْ حَلَفَ فَفِي الرَّهْنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مَضَتْ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ مَفْسُوخًا لتعارضهما.

والثاني: يكون بينها لتساويهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015