الْمُسْتَحِقُّ مَتَاعَهُ وَالْحَقُّ وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ والعهدة عليه كهي لَوْ بَاعَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ الَّذِي بِيعَ لَهُ الرَّهْنُ مِنَ الْعُهْدَةِ بِسَبِيلٍ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.
إِذَا كَانَ الرهن موضوعا عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ فَلَيْسَ لِلْعَدْلِ بَيْعُ الرَّهْنِ عِنْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ إِلَّا بِتَوْكِيلٍ مِنَ الرَّاهِنِ وَإِذْنٍ مِنَ الْمُرْتَهِنِ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الرَّهْنِ مَا بَقِيَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى إِذْنِهِمَا وَجَوَازِ أَمْرِهِمَا. فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ فِي جَوَازِ أَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَبِيعَ إِلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَبَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِإِذْنِهِمَا أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ عِنْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ مِنْهُمَا فَالثَّمَنُ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاهِنِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ.
فَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَعَدٍّ فِيهِ، فَالْعَدْلُ ضَامِنٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلَا تَعَدٍّ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَالِفٌ مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ، وَعَلَى مَذْهَبِ أبي حنيفة أَنَّهُ تَالِفٌ مِنْ مَالِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ مَعَهُ فِيهِ. فَلَوِ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ الْمَبِيعَ في يد مشتريه بعد تلف الثمن في يد العدل كانت عهدة المبيع بِالثَّمَنِ، مِنْ مَالِ الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ.
وَقَالَ أبو حنيفة عُهْدَةُ الْمَبِيعِ فِي رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي مَالِ الْمُرْتَهِنِ دُونَ الرَّاهِنِ بِنَاءً على أصله في أن لثمن الرهن الْمَبِيعِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ دُونَ الرَّاهِنِ، وَنَحْنُ نَبْنِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِنَا فِي أَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ الْمَبِيعِ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْأَصْلِ فَأَغْنَى عَنْ تَجْدِيدِهِ فِي الْفَرْعِ.
فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ رُجُوعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ يَكُونُ فِي مَالِ الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الرَّاهِنِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِدَفْعِ الثَّمَنِ وَغَيْرِهِ مِنْ قَضَاءِ الدُّيُونِ فَالْمُشْتَرِي وَجَمِيعُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ أُسْوَةٌ لِأَنَّ اتِّسَاعَ الْمَالِ يَمْنَعُ مِنَ الْمُزَاحَمَةِ وَلَا يُوجِبُ تَقْدِيمَ بَعْضِ الْحُقُوقِ فَصَارُوا فِيهِ أُسْوَةً.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا يَضِيقُ مَالُهُ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَالَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقَدَّمُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ يُدْفَعُ مَا بَقِيَ إِلَى الْغُرَمَاءِ، وَالَّذِي نَقَلَهُ الرَّبِيعُ وَحَرْمَلَةُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ.
يَتَحَاصُّونَ مَعًا فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى طَرِيقَيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ لِظَاهِرِ النَّصِّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُقَدَّمُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ على جميع