ضَرْبٌ مِنْهَا يَكُونُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَهَذَا إِذَا شُرِطَ فِي الرَّهْنِ أَبْطَلَهُ وَضَرْبٌ مِنْهَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ فَهَذَا إِذَا شُرِطَ فِي الرَّهْنِ فَهَلْ يُبْطِلُهُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
وَشَرْطُ الْوَكَالَةِ لِلْمُرْتَهِنِ لَا عَلَيْهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَمْ لا، على قولين.
قال الشافعي رضي الله عنه: " فَإِنِ امْتَنَعَ أَمَرَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَالِكَ لِبَيْعِ الرَّهْنِ هُوَ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ لِلْمُرْتَهِنِ حَقَّ الِاسْتِيثَاقِ وَلِلرَّاهِنِ حَقُّ الْمِلْكِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ إِلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ قَدْ أَوْقَعَ فِيهِ حَجْرًا عَلَيْهِ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ كَانَ بَاطِلًا كَبَيْعِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ.
فَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ عَلَى مَا مَضَى إِلَّا أن يكون الراهن حاضرا.
فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا يَخْلُو حَالُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْحَقِّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بَيْعِهِ. فَيَجُوزُ وَيَكُونُ الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهِ الرَّاهِنُ أَوْ وَكِيلُهُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ.
وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَرْكِ بَيْعِهِ. فَيَجُوزُ لِرِضَا الْمُرْتَهِنِ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ وَاسْتِبْقَاءِ رَهْنِهِ وَرِضَا الرَّاهِنِ بِاسْتِبْقَاءِ مِلْكِهِ مَعَ بَقَاءِ دَيْنِهِ.
(فَصْلٌ)
وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَدْعُوَ الرَّاهِنُ إِلَى بَيْعِهِ وَيَمْتَنِعَ الْمُرْتَهِنُ فَيَنْبَغِي للراهن أن يأتي الحاكم ليأذن له في بيعه بدلا من إذن المرتهن بعد أن يحضر الحاكم المرتهن فَيَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ. فَإِنْ ذَكَرَ عُذْرًا يَسُوغُ مِثْلُهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا أَذِنَ الْحَاكِمُ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَ يَحْتَاجُ إِلَى تَوْكِيلِ الْحَاكِمِ عَنِ الْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ الَّذِي يُحْتَاجُ مِنْ جِهَةِ الْمُرْتَهِنِ إِلَى إِذْنٍ مُجَرَّدٍ، وَالْحَاكِمُ قَدْ أَذِنَ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ.
فَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي ثَمَنِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَأَعْلَمَ الْحَاكِمُ الْمُرْتَهِنَ بِذَلِكَ. فَإِنْ سَأَلَ حَقَّهُ أَمَرَ الْحَاكِمُ الرَّاهِنَ بِدَفْعِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ مِنَ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ حَقَّهُ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ يُطْلِقُ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ فِيهِ. وَإِنْ أَذِنَ لِلرَّاهِنِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَإِنْ سَأَلَ الرَّاهِنُ أَنْ يُقْبِضَ الْمُرْتَهِنَ حَقَّهُ أَمَرَ الْحَاكِمُ الْمُرْتَهِنَ بِقَبْضِ حَقِّهِ مِنَ الرَّاهِنِ أَوْ إِبْرَائِهِ مِنْهُ فَإِنِ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ قَبْضِهِ أَوْ إِبْرَائِهِ قَبَضَهُ الْحَاكِمُ لِيَبْرَأَ مِنْهُ الرَّاهِنُ وَتَرَكَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِلْمُرْتَهِنِ.