الحاوي الكبير (صفحة 218)

(فَصْلٌ)

: وَالْفَرْعُ الرَّابِعُ: صُورَتُهُ فِي جُنُبٍ وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ فِي سَفَرِهِ مَا يَكْفِيهِ إِلَّا مَوْضِعًا يَسِيرًا مِنْ بَدَنِهِ فَاغْتَسَلَ بِهِ إِلَّا كَقَدْرِ الدِّرْهَمِ مِنْ طُهْرِهِ، فَتَيَمَّمَ لَهُ وَصَلَّى فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا، ثُمَّ أَحْدَثَ وَوَجَدَ من الماء ما يكفيه ما تَرَكَهُ مِنْ بَدَنِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَرَكَهُ مِنْ طُهْرِهِ فِي جَنَابَتِهِ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي أَعْضَاءِ حَدَثِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِيهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ جَنَابَتِهِ وَلَا يَكْفِيهِ لِحَدَثِهِ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ طُهْرِهِ فَقَدْ أَكْمَلَ غُسْلَ جَنَابَتِهِ وَصَارَ مُحْدِثًا عَادِمًا لِلْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي مَا أَرَادَ مِنْ فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ. فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الْمَاءِ فِيمَا بَقِيَ عَلَى طُهْرِهِ فِي الْجَنَابَةِ جَازَ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْحَدَثِ الطَّارِئِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لِلْجَنَابَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَلَوْ أَرَاقَ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الْمَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الَّذِي قَدَّمَهُ حَتَّى يُحْدِثَ تَيَمُّمًا ثَانِيًا بَعْدَ إِرَاقَةِ الْمَاءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ الْأَوَّلَ كَانَ مرة، وفرض ما بقي من الجناية اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِيهِ فَلَمَّا أَرَاقَهُ انْتَقَلَ فَرْضُهُ عَنِ الْمَاءِ إِلَى التَّيَمُّمِ، فَلَزِمَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ فرضه.

(فصل)

(مسألة)

: الفرع الخامس: صورته في جُنُبٌ عَدِمَ الْمَاءَ فِي سَفَرِهِ، فَتَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَّى، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَنْتَقِلَ وَوَجَدَ مِنَ الْمَاءِ مَا يَكْفِيهِ لِأَعْضَاءِ حَدَثِهِ، فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْجُنُبَ إِذَا وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ لِغُسْلِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِعْمَالُهُ، فَطُهْرُهُ مِنْ جَنَابَتِهِ تَامٌّ لِلنَّوَافِلِ بِالتَّيَمُّمِ الْمُتَقَدِّمِ، وَقَدْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ وَهُوَ وَاجِدٌ لِمَاءِ حَدَثِهِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ هَذَا الْمَاءَ فِي أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ وَقَدِ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ فَيُصَلِّي مَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْجُنُبَ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُ مَا وَجَدَ مِنَ الْمَاءِ فِيمَا شَاءَ مِنْ بَدَنِهِ وَتَيَمَّمَ لِمَا بَقِيَ مِنْهُ، وَيَكُونُ حُكْمُ الْحَدَثِ الطَّارِئِ سَاقِطًا لِعَوْدِ الْجَنَابَةِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بِمَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ، فَأَمَّا إِذَا أَرَادُوا الْمَسْأَلَةَ عَلَى حَالِهَا أَنْ يُصَلِّيَ فَرِيضَةً ثَانِيَةً بَعْدَ الظُّهْرِ فَحَدَثُ جَنَابَتِهِ باقٍ، لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَيَمُّمِهِ كَانَ طُهْرًا لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَمَا يَتْبَعُهَا مِنَ النَّوَافِلِ وَلَا يَكُونُ لِفَرِيضَةٍ ثَانِيَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِحَدَثِهِ تَأْثِيرٌ لطرؤه عَلَى جَنَابَةٍ بَاقِيَةِ الْحُكْمِ، وَيَصِيرُ جُنُبًا وَجَدَ بَعْضَ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى الْفَرِيضَةَ، وَمَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ بِهِ.

وَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا شَاءَ مِنْ بَدَنِهِ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ لِمَا بَقِيَ مِنْهُ وَصَلَّى الْفَرِيضَةَ وَمَا شَاءَ مِنَ النَّوَافِلِ فَصَارَ تَحْرِيرُ مَا ذَكَرْنَا شَرْحَهُ أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الظُّهْرِ نَفْلًا لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ؟ وهل يلزمه استعمال الماء؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فَاعْتَبِرْ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّرْحِ تَجِدْهُ صَرِيحًا وَعَلَى الْأُصُولِ مُطَّرِدًا ".

(مَسْأَلَةٌ)

: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وكذلك غسل المرأة إلا أنها تحتاج في غَمْرِ ضَفَائِرِهَا حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ إلى أكثر مما يحتاج إليه الرجل. وروي أن أم سلمة سألت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقالت: إني امرأةٌ أشد ضفر رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِلْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: " لَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015